يعتبر الامتثال (الالتزام) للأنظمة والمعايير والتعليمات من مبادئ القبول الاجتماعي العام فيمثل في العادة مبادئ إرشادية لكل من أفراد المجتمع ومنظمات الأعمال على اختلاف أنشطتها التي تندرج عامة تحت مؤسسة الأخلاق كونها أشمل من مفهوم الحاكمية الرشيدة بما تسمى (حوكمة الشركات)، ذلك أنها تشتمل على معايير المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال وأركانها التي هي أوسع مفهوماً وتطبيقا. واذا عدنا إلى مؤسسة الاخلاق فقد يبرز الدين الإسلامي كدين راعٍ للأخلاق بالدرجة الأولى بدليل قوله تعالى (وإنك لعلى خلقٍ عظيم) صدق الله العظيم سورة القلم (4) وقول رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام (بعثت لأتمم مكارم الأخلاق). وهناك الكثير من المعايير الأخلاقية الإسلامية الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة تختص بالتعاملات في عالم المال والأعمال والتجارة كما تختص ايضا بالتعاملات الفردية في منظمات الأعمال. فإدارة الامتثال او ما يسمى الالتزام أحد أهم أسس وعوامل نجاح المؤسسات على اختلاف نوعها (الحكومية – الخاصة) فهو يحافظ على سمعتها ومصداقيتها ومصالح المساهمين والمودعين والملاك والعملاء وكل من ذوي العلاقة بالمؤسسة وأفراد المجتمع، كما يوفر لها الحماية من العقوبات النظامية ومخالفة التشريعات سواء (خارجية – داخلية). فالالتزام عموما مسئولية شاملة ومتعددة الجوانب بالمؤسسة، لذلك فمهمة وضع الأسس للتنظيم الفاعل والإدارة السليمة والمتطورة للشركات وفي مقدمتها وظيفة الامتثال يعزز الثقة بالأسواق الاقتصادية ويشجع على الاستثمار بالمديين الطويل والقصير بما يسهم في توحيد القرارات والأنظمة والسياسات وتخفيض تكاليف الإنفاق التشغيلي على الهيئة وتعزيز مبدأ الشفافية والتكامل من خلال عمل الإدارة الموحدة وتلافي التضارب في المصالح فضلا عن تيسير آلية التدريب والتأهيل وإعداد الكوادر البشرية المتميزة بجودة أعلى، حيث برزت هذه الممارسات أخيرا كجزء من الإستراتيجيات الحديثة في الادارة مثل الحوكمة الرشيدة والجودة وإدارة المخاطر والالتزام والرقابة. وعادة تبدأ تطبيقات الالتزام وتكون جيدة وفعالة عندما يكون هناك تكامل وتعاون بناء بين كل اقسام المؤسسة وتـقع على جميع الأطراف في المؤسسة المالية وجميع الموظفين كل حسب صلاحياته والمهام المنوطة به وأن تكون هذه المسؤولية جزءا لا يتجزأ من أعمال المؤسسة ككل في حالات المقر الرئيسي والفروع وكافة نشاطاتها التشغيلية مجتمعة كما أن عدم الأخذ في الاعتبار آثار ما تتخذه المؤسسة ممثلة بإدارة الالتزام من إجراءات وخطط على بيئة السوق الاقتصادي قد يؤدي إلى حدوث ردود فعل سلبية بالغة الأثر على سمعة المؤسسة حتى ولو لم تكن هنالك مخالفات للأنظمة والقوانين وذلك لتتلافى الإنفاق الزائد والهدر مما يمكن المؤسسة من تحقيق نتائج (مادية – معنوية) جيدة تنعكس إيجابياً على استقرارها في الاقتصاد الوطني.