يرى بعض الخبراء أن التمدد السكاني في المنطقة العربية سينعكس على الجميع شئنا أم أبينا، مؤكدين أن لذلك تأثير على المناهج والشؤون التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها. ففي محاضرة بجامعة مسقط القاها الدكتور محمود جبريل رئيس مؤسسة التعليم والتنمية (FEED) في بروكسل، ذكر أن هناك محاولات لمد عمر البشرية مع نهاية هذا القرن 2100 مع التطور المعرفي والتكنولوجي، الامر الذي يتطلب منا التنبّه لهذه القضايا المعرفية، حيث لا يمكن لأحد اليوم ان يستغني عن الأجهزة التقنية والاتصالات التي يستخدمها في حياته اليومية لمعرفة القضايا التي تهم مجالات عمله ومتابعة كل ما يستجد على الساحة العلمية من الابتكارات والاختراعات. وهذا الأمر يتطلب من الاشخاص في الوطن العربي إدارة أنفسهم بطريقة تناسب وهذه المستجدات الحديثة، وبطريقة مغايرة وبإدارة جديدة، وتمكين الانسان العربي من بناء ذاته، وإعطاء الثقة له ليحقق المزيد من الانتاجية في عمله اليومي. فالانسان العربي كغيره من الناس يعتبر هو المحور في إدارة جميع الأمور التي تهم مؤسسته التي يعمل بها كغيرها من المؤسسات الأجنبية التي تبدي الاهتمام لمواطنيها وللعاملين لديها مثل سنغافورة واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الدول التي تعتمد على موارد البشرية في المقام الأول، في حين تعتمد على الدول العربية للحصول مواردها النفطية التي تدخل في صناعتها المتعددة، أي أن هذه الدول إهتمامها الأول هو البشر والعناية بهم وتنمية مداركهم وتأهيليهم في مختلف التخصصات. فإيجاد الانظمة التي تساعد العاملين على الاستمرار والاستدامة في العمل أمر ضروري، لأن الشخص المحبط وغير الراضي من النظام الذي يعمل به سوف يدفعه بالبحث عن قنوات وجهات أخرى لإيجاد التوازن في حياته، الأمر الذي يتطلب من الرؤساء والمديرين ضرورة إيجاد علاقة متكافئة مع الموظفين لخلق الولاء للمؤسسة. ففي أي دولة هناك القيادات الرسمية والقيادات الحقيقية في المؤسسات، وكثيرا ما نرى أن المؤسسات العربية تستبعد القيادات الحقيقية في اتخاذ القرار خوفا من يأتي أشخاصها ويصبحوا ضمن القيادة الرسمية. فأي مؤسسة تعتبر حجرا مهما في أنظمة الدول، وأن أية مشكلة لديها سوف تخلق مشكلة للدولة والحكومة. وفي حالة عدم وجود الرؤية والخطة للمؤسسة فلا يمكن عندئذ تحقيق المسار المطلوب. وهناك اليوم ضرورة للاستمرار في الميزة التنافسة لكل قطاع اقتصادي ليكون جاذبا لمزيد من العناصر الاخرى، ولإنجاح ذلك فلا بد للمؤسسات العربية الرسمية بناء مؤسسي خاصة في مجال التعليم وفي مجال المهارات الاخرى، حيث إن ذلك سوف يؤدي إلى إيجاد كوادر ومهارات وطنية وعولمية لا يمكن لها أن تبقى في مكان واحد، بل يتم تنقلها عبر القارات، وخاصة في وجود التقنيات ووسائل التواصل الاجتماعي. من المهم جدا الاعتناء بالقدرات البشرية التي تختلف درجاتها ومناصبها في المسؤوليات والقرارات، حيث إنه كلما كانت مشاركة الاخرين أكبر في اتخاذ القرار كلما كانت النتائج أكبر (ما يسمى بملكية القرار الجماعي). كما أن جوهر الأشياء اليوم هو المعرفة، فهناك من يدير المعرفة وهناك من يستهلك المعرفة وهي دولنا العربية، الأمر الذي يتطلب أهمية صناعة المستقبل باعتبارها قضية وطنية ومفروضة على الجميع. فهناك اليوم من يصنعون التاريخ، وهناك من يستمع إلى التاريخ.