أنشأت مصر بنك الاستثمار القومي عام 1980 بغرض تمويل كافة المشروعات المدرجة بالخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك عن طريق الإسهام في رؤوس أموال تلك المشروعات، أو عن طريق مدها بالقروض أو غير ذلك من الوسائل، ومتابعة تنفيذ تلك المشروعات. ويمتد نشاط التمويل ببنك الاستثمار القومي لتمويل مشروعات الجهاز الإداري للدولة المكون من الوزارات، وكذلك الهيئات الخدمية وهي جهات حكومية لا تهدف للربح، وأيضا مشروعات الإدارة المحلية بالمحافظات من إنشاءات وتجهيزات بدواوين عموم المحافظات ومديريات الخدمات بالمحافظات. وأيضا تمويل الهيئات الاقتصادية وهي جهات هادفة للربح مملوكة للدولة يصل عددها لنحو 50 هيئة، إلى جانب تمويل هيئات القطاع العام وشركاته التابعة للوزارات مثل الشركات التابعة للإنتاح الحربي والبترول والزراعة وغيرها. إلا أنه نتيجة خروج استثمارات أجنبية كبيرة من أدوات الدين المصرية في أبريل من العام الماضي وحتى نهاية العام، فقد دفعت الحكومة المصرية البنوك وشركات التأمين التابعة لها لزيادة مشترياتها من أذون الخزانة المصرية، والتي تشكل الجانب الأكبر في سداد عجز الموازنة. وكان رصيد أذون الخزانة في محفظة استثمارات بنك الاستثمار القومي منذ مايو 2014 لا شيء، حيث إنها أداة قصيرة الأجل لا تتسق مع مهمة البنك الأساسية، ومنذ مايو 2015 تم دفع بنك الاستثمار لشراء أذون خزانة حتى بلغت 3 مليارات جنيه عام 2016. وبعام 2017 زادت الكميات المشتراة من أذون الخزانة لأكثر من 33 مليار جنيه، وبعام 2018 حققت مشتريات الأذون طفرات متتالية لتبلغ 188 مليار جنيه، لتعوض جانبا من تراجع أرصدة الأجانب خلال العام بأذون الخزانة من 380 مليار جنيه بشهر مارس إلى 192 مليار جنيه بنهاية العام. ورغم عودة الأجانب لشراء أذون الخزانة المصرية بيناير من العام الحالي، واستمرار زيادة أرصدتهم حتى يونيو، فقد استمر تصاعد شراء بنك الاستثمار القومي لأذون الخزانة، حتى بلغت أرصدة مشترياته منها 277 مليار جنيه بنهاية شهر سبتمبر الماضي وهي آخر بيانات رسمية معلنة. وارتبط ذلك بتراجع معدلات زيادة أرصدة الأجانب لأذون الخزانة المصرية منذ شهر فبراير وحتى يوليو، ثم تحول الاتجاه للأجانب إلى البيع الصافي لأذون بشهري أغسطس وسبتمبر. وجاء تصاعد شراء بنك الاستثمار القومي لأذون الخزانة على حساب نشاطه الإقراضي سواء للهيئات الاقتصادية وغيرها أو بالمساهمات في الشركات القابضة، ففي نهاية يونيو عام 2013 والذي يمثل نهاية النظام المدني وعزل الرئيس المنتخب، كان نصيب الهيئات الاقتصادية من مجمل توظيفات بنك الاستثمار القومي أكثر من 19%، لكن تلك النسبة ظلت تتراجع خلال السنوات التالية حتى بلغت 12% في سبتمبر من العام الحالي. وبنهاية يونيو 2013 كان نصيب المساهمات والقروض للجهات الأخرى ببنك الاستثمار القومي حوالي 76% من توظيفاته، ومنذ يونيو 2016 ظلت تلك النسبة تتراجع حتى بلغت 44.5% من مجمل توظيفات البنك فى سبتمبر الماضي. وعلى الجانب الآخر كان نصيب الاستثمار في الأوارق المالية الحكومية من أذون وسندات خزانة حكومية في يونيو 2013 أقل من نسبة 5%، وظلت تلك النسبة تتزايد حتى بلغت 42% في سبتمبر الماضي، ليزيد دور بنك الاستثمار في سد عجز الموازنة، على حساب دوره الأساسي في تمويل الاستثمارات.