تحسن الاقتصاد العالمي

اتفقت جميع الدراسات والتوقعات على تحسن معدلات النمو الاقتصادى العالمى خلال هذا العام والعام المقبل، وعلى أن الاقتصاد العالمى يشهد افضل أداء له خلال السنوات الخمس الماضية، وتأكيداً لذلك فقد سجل مؤشر معهد "بروكينجز" للابحاث والذى يرصد جميع الاقتصادات المتقدمة والناشئة أعلى مستوى له فى السنوات الخمس الماضية وذلك من خلال مقارنة العديد من مؤشرات النشاط الاقتصادى والاسواق المالية وثقة المستثمرين بمتوسطاتها التاريخية بكل دولة على حدة وللعالم أجمع، حيث أظهرت هذه المؤشرات تحسن النمو والاوضاع المالية والثقة فى الاقتصادات المتقدمة والناشئة فى الأشهر الماضية بشكل خاص وخلال السنوات الخمس الماضية بشكل عام. كما سجل مؤشر النمو المركب كذلك أعلى مستوى له منذ عام 2012، بما يؤكد أن البيانات الاقتصادية فى معظم دول العالم قد تحسنت بالمقارنة بأى وقت سابق خلال السنوات الخمس الماضية، وخاصة فى الدول المتقدمة، حيث انتعشت المؤشرات الاقتصادية فى الولايات الامريكية بعد تولى رجل الاعمال المخضرم "دونالد ترامب" رئاسة البلاد، وكذا تحسن مؤشرات الثقة فى الدول الأوروبية هذا العام. هذا وقد حثت منظمة التعاون الاقتصادى والتنمية كلًا من محافظى البنوك المركزية ووزراء مالية الدول الصناعية الكبرى على استثمار حالة الانتعاش الاقتصادى المتاحه لاحداث إصلاحات اقتصادية ومالية ونقدية أكثر قوة لزيادة معدلات النمو العالمى، فى ظل ضعف الانتاجية والاستثمارات، إلا أن الكثير من صناع السياسات لم يرحبوا كثيراً بإجراء هذه الاصلاحات المطلوبة والكفيلة برفع مستوى المعيشة فى العديد من دول العالم، مكتفين بما حققوه من إنجاز مرحلى. ولقد تزامن مع هذه المعلومات والمؤشرات نشر تقرير آفاق الاقتصاد الصادر هذا الشهر عن صندوق النقد الدولى والذى أكد فيه على أن اقتصاد العالم ينمو بمعدلات أكبر من المتوقع، وأن معدلات النمو فى العام الجارى من المرجح أن تظهر تحسناً كبيراً بالمقارنة بالعام الماضى، مما إضطر الصندوق لمراجعة توقعاته بشأن معدل نمو الاقتصاد العالمى الى 3,6% خلال هذا العام وارتفاعه الى 3,7 فى العام المقبل، وأن الاقتصاد العالمى يتحسن بمعدلات إيجابية. وإن حذر الصندوق من أن الانخفاض الكبير فى معدلات التضخم فى العديد من الدول يعنى أن البنوك المركزية لم يعد أمامها مجال كاف لاتخاذ أية إجراءات تكون كفيلة بالتعامل مع أى ضعف اقتصادى فى المستقبل من خلال خفض أسعار الفائدة المنخفضة بالفعل، وحذر الصندوق كذلك من ضعف الانتاجية على المستوى العالمى بما يحد من إمكانية رفع مستوى معيشة افراد المجتمع فى العديد من الدول. وأكد العديد من الخبراء على عدم اكتمال التعافى الاقتصادى بالمستوى المرجو والكفيل بمعالجة الكثير من التحديات الاقتصادية والمالية، وأرجعوا ذلك الى أن القوى المحركة للنمو ليست قوية بما يكفى وليست دائمة، والى أن الاسواق العالمية تتوقع المزيد من التحسن، بما يؤكد على وجود اختلالات محتملة الحدوث مع أى تباطؤ للنمو، بالاضافة الى إعتماد بعض الدول على حفض قيمة عملتها لتحسين أوضاعها وزيادة صادراتها، وهو الأمر الذى يعنى أن التحسن فى الاقتصاد العالمى ليس كبيراً وليس مستداما.