أيام قليلة تفصلنا عن إعلان اسم الرئيس الأمريكي الجديد، وذلك بعد معركة شرسة بين مرشح الحزب الجمهوري «دونالد ترامب» ومرشحة الحزب الديمقراطي «هيلاري كلينتون»، والتي غلبت عليها إلى حد كبير المشاكل والقضايا الاقتصادية وفي مقدمتها الضرائب والطاقة والبنية التحتية واتفاقيات التجارة الدولية والحرة ودعم رعاية الأطفال والقُصَّر. ولقد ركز غالبية الخبراء والمحللين الاقتصاديين على البرنامج الاقتصادي للمرشح الجمهوري «ترامب» باعتبارة البرنامج الأكثر إثارة للجدل. ولقد اقترح «ترامب» فى برنامجه إجراء تخفيضات ضريبية على المواطنين والشركات تصل قيمتها إلى نحو 4,4 تريليون دولار «على مدار السنوات العشر القادمة»، من خلال خفض شرائح الضرائب الاتحادية على الدخل من سبع شرائح إلى ثلاث شرائح فقط لتكون 12%، 25%، 33% كحد أقصى انخفاضاً من 39,6% «وهي الضريبة المطبقة في الوقت الراهن»، ومؤكداً على إلغاء الضرائب للأفراد الذين يقل دخلهم عن 25 ألف دولار في العام، ويدعو في ذات الوقت إلى خفض الضريبة على الشركات من 35% إلى 15% موضحا أن جعل الأثرياء أكثر ثراء سوف يدفعهم إلى التوسع في استثماراتهم وزيادة قدراتهم التصديرية ومن ثم توظيف المزيد من الأيدي العاملة والمساهمة بفاعلية في حل مشكلة البطالة. وأكد «ترامب» على اعتزامه وقف الدعم المالي لبرامج الاحتباس الحراري ورفع القيود عن إنتاج الطاقة من نفط وغاز بما في ذلك المياه الساحلية البحرية للبلاد، مؤكداً على أن هذه الخطوة ستضيف إلى الميزانية الأمريكية حوالي 127 مليار دولار سنوياً بالإضافة إلى توفيرها لأكثر من نصف مليون وظيفة وزيادة الأجور بحوالي 30 مليار دولار، على مدى السنوات السبع المقبلة، وإن شكك الكثير من الخبراء والاقتصاديين في هذه الأرقام ووصفوها بأنها مبالغ فيها. كما أعلن «ترامب» عن نيته في إعادة التفاوض في الاتفاقيات التجارية والدولية التي أبرمتها بلاده من قبل وفي مقدمتها اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي وقعها الرئيس «باراك أوباما» وكذا اتفاقية التجارة الحرة مع كندا والمكسيك «نافتا» والتي تم توقيعها في عام 1994، بل وأعلن عن نيته فرض رسوم جمركية على الواردات المكسيكية بنحو 35% وعلى الواردات الصينية بنحو 45%، وقد حذرت دراسة لمعهد «بيترسون» للاقتصاد الكلي بأن هذه الإجراءات ستكون كفيلة بقيام حروب تجارية قد تؤدي إلى خلق المزيد من الركود الاقتصادي بالولايات المتحدة. إلا أنه من المثير للدهشة عدم تأييد أي اقتصادي بارز أو متميز لتلك الخطط الاقتصادية التي عرضها السيد «ترامب»، بل أكد الكثيرون منهم أن هذه التخفيضات الضريبية التي أعلنها المرشح الجمهوري لن يستفيد منها سوى أعداد ليست كبيرة ولكنها ستقلص كثيراً من الإيرادات الحكومية، كما أن التعريفات التجارية الأعلى سترفع تكلفة الواردات ومن ثم ستزيد من الأعباء على المواطن الأمريكي، وأن نشوب الحروب التجارية سيؤدي إلى زيادة عجز موازنة الحكومة الفيدرالية، بالإضافة إلى أن تخفيف القيود التنظيمية المقترحة على القطاع المالي سيسمح بتزايد حدة المخاطر على القطاع وخاصة المصرفي منه.