من أجل "الصحة والحياة"

نشأ الرياضيون القدامى تحديداً على شعار يؤكد أن الرياضة ليست فقط لنيل الكؤوس وإنما لتهذيب النفوس.. واكتسب هذا الشعار حضوره اللامع منذ زمن قديم، قبل أن تتحول الرياضة ومنافساتها إلى محرقة للأموال.  * ولقد تطوَّر الجنوح إلى ما هو احترافي باهظ التكلفة على حساب الهواية ليصل درجة أن الاتحاد الدولي لألعاب القوى المشرف على ما تسمى "أم الألعاب" عمل على حذف توصيف الهواية من أهم مرجعياته، انتصاراً لمفهوم الاحتراف وسنينه. * وهذا الحال الاحترافي إنما جاء على حساب الهواية التي تعيش على الشغف الشخصي خارج سجالات الصراع الرياضي بمكنزماته المادية، الأمر الذي يعلي اليوم من شأن مفهوم الرياضة من أجل الصحة والحياة وليس من أجل الكسب المادي.  * أما مناسبة هذه الوقفة فهي أن الداعي لكم بطول العمر وبالأجساد الرشيقة والأرزاق الغزيرة يكتب هذه السطور وهو عائد من جرعة رياضة صباحية ضمن ألف ومائتي شخص يمارسون تمارينهم اليومية في صنعاء على مدار العام دونما انقطاع حيث تحوَّل مسمَّى "أحسن فريق" إلى ظاهرة رياضية ملهمة.  * ولأن الشيء بالشيء يُذكر فإن حلول اليوم الأولمبي العالمي الذي يصادف الـ 23 يونيو من كل عام ينبغي أن يكون يوما عربيا للتواصي بحق أجسادنا في الرياضة، وحق عقولنا في أخذ نصيبها العادل من الحكمة القائلة "العقل السليم في الجسم السليم..".  * وسواء احتفلت المؤسسات الرياضية العربية بهذا اليوم أو قصَّرت فإن علينا كأفراد أن نتسلح بالقدر الكافي من الوعي بأهمية الرياضة في حياتنا اليومية، وتحويل الوعي إلى ممارسة وليس الاكتفاء بمتابعة ما يجري من صراع على ملاعب التنافس..!  * لقد اعتدنا على أن يحمل كل يوم أولمبي شعاراً إنسانياً محترماً ولكن.. يبقى الإطار العام لجميع الشعارات هو الوجه الرياضي بمعناه المجتمعي الشامل الذي يدعونا لأن نحتفي بقدرتنا على الحركة والنشاط. * ويكفي إدراك أنه كما أن الرياضة التنافسية ترسخت في الـ 23 من يونيو 1894 على يد بيير دي كوبرتان لتعزيز الرياضة وإحياء الألعاب الأولمبية القديمة، فإن الرياضة بمعانيها المجتمعية الصحية ظهرت عندما قدم التشيكي الدكتور غروس عضو اللجنة الأولمبية في الدورة 41 للجنة الأولمبية الدولية باستكهولم فكرة تخصيص يوم أولمبي للاحتفال بما تمثله الحركة الأولمبية من معان، وبالفعل حصل هذا المشروع على الموافقة في الدورة الـ 42 التالية.  * وأما وقد عشنا مناسبة يوم أولمبي مر ولم يشعر به الغالبية العظمى فلا غنى عن التواصي بالحق الرياضي، والتذكير بنقاط رياضية مهمة من باب التذكير الذي ينفع مؤمنين يحسبون أنفسهم رياضيين لمجرد انشغالهم بمن فاز ومن خسر في دوريات التكاليف الرقمية الهائلة.  * إن اليوم الأولمبي تحديداً ينبغي أن يكون موعداً يتجدد فيه انتماؤنا إلى ممارسة الجميع للرياضة من أجل الجميع بصرف النظر عن السن.. الجنس.. الخلفية الاجتماعية أو الدينية.. والقدرات الرياضية.  المهم هو المشاركة في نشاط بدني نواجه به الكسل والترهل والأمراض في الطريق لبناء مجتمعات صحيحة من الأبدان إلى الأفكار إلى الحالة المجتمعية والفكرية والنفسية السليمة.  * رائع أن نتحمس للأفكار الرياضية بما تمثله من تكامل وتكافل، وغير ذلك من النقاط الإيجابية التي تُعد روافع مهمة وآليات نافذة للتطور والتنمية والسلام.  * ولمن يفتقد قدرة الانخراط في نشاط بدني جماعي أقول: مالك.. تحرَّك لوحدك.. قم بملاعبة أطفالك الصغار..  تحرك مع صديقك المقرب.. ولا تنس العمل   بالحكمة السودانية "تحرك فأنت لست شجرة..".