بين الشريعة والقانون

لم يبرح ذاكرتنا يوما قانون نيوتن الشهير «لكل قوة فعل قوة رد فعل مساو لها في المقدار معاكس لها في الاتجاه»، ثم نتجاوزه كثيرا عند محاولة التغافل لتكون الحياة أكثر مرونة، فالعفو عند المقدرة من شيم الكرام، لكن ما لا ينبغي التغافل عنه هو الوصول إلى مستوى الجريمة والتي حينها يجب أن تكون قوة رد الفعل سياجا يحمي المجتمع ويحفظ أبناءه. لقد أكد القرآن على حفظ حقوق الناس وأموالهم وأعراضهم، كما أكد عليه الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، إلا أن البعض لا تزجره آية أو حديث بينما يردعه قانون العقوبة، جاء في الأثر عن عثمان رضي الله عنه: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). ومع انطلاق الإنترنت في الفضاء العربي اعتمدت بعض الدول قانون الجرائم الإلكترونية لتحقق أمانا وحماية للمجتمعات وكانت مصر هي أول من وضع هذا القانون عربيا كما استحدثت قانون التحرش الذي يعد الأول من نوعه في العالم العربي، ومنذ 2007 فرضت السعودية قانونا يقضي بمعاقبة مجرمي الشبكات الاجتماعية كل بحسب جريمته وتتفاوت العقوبة بنوع الجريمة، فأعلى العقوبات تتمثل في السجن لعشر سنوات وغرامة مالية قدرها ثلاثة ملايين ريال وأدناها تكون بالسجن لمدة سنة وغرامة مالية خمسمائة ألف ريال، وينفذ هذا القانون بفعالية عالية، غير أن قانون التحرش لا يزال غائبا عن التنفيذ ويظل التنديد بالتحرش مختبئا في الظل، إذ لم تنفذ أحكامه وعقوباته كما يجب، رغم الضرورة الملحة للعمل به حفظا للمجتمع وحماية لجميع فئاته العمرية، ذكورا وإناثا. ومضة: لا تكاد تخلو دولة في العالم من جريمة التحرش، لكنها تتفاوت في نسبتها باختلاف الوعي وقوة القانون ومستوى تطبيقه.