إن واجبنا الإنساني والديني يحتم علينا الوقوف دائما مع القضايا الإنسانية العادلة، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بالتطهير العرقي أو الجرائم ضد الإنسانية أو بشكل أخص التعدي على المسلمين في أي مكان في العالم، وحيث إنني أضع هذا الطرح حول مسلمي الإيغور في الصين فإنني ومع الاحتفاظ بكل مشاعر التعاطف والدعم لهم ومشاعر الاستنكار للحكومة الصينية، إذا صحت الادعاءات تجاهها، فإنني وفي نفس التوقيت أود الإشارة بالتقريب والمقارنة بالحرب الجهادية في أفغانستان والتي استمرت قرابة العشر سنوات منذ أواخر السبعينيات إلى أواخر الثمانينيات، والتي أطلق عليها الحروب المقدسة ونشرت الكتب عن بطولات مجاهديها وتمت دعوت العرب والمسلمين من كافة الأقطار للمشاركة بها وسهلت الحكومات العربية تدفق المجاهدين لها. في طبيعة الحال لست هنا لتقييم أي موقف ولا إطلاق أي حكم، ولكن كان جلياً أثناء وبعد الحرب أن التوجيه بالدعم كان من الولايات المتحدة الأمريكية وأن الصراع كان بين الاتحاد السوفيتي السابق وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الدعم الأمريكي بكل أشكال السلاح والمعلومات الاستخباراتية والمستشارين الميدانيين لم يكن لإعلاء كلمة المسلمين ولكن لتحقيق أهداف أمريكية محددة في صراعها مع روسيا. أكرر من جديد وبعيداً عن تقييم الحالة الجهادية في ذلك الوقت وبعيداً عن التمادي الروسي في قمع المسلمين في أفغانستان حينها، وأخذ المقطع المتعلق بالصراع الأمريكي الروسي وأسقطه اليوم على الصراع الأمريكي الصيني، وهو اليوم في أشد مراحله، وقد نشرت في وقت سابق مقالات وحلقات تلفزيونية مصورة مع شخصيات عالمية ذات اطلاع عن موضوع الصراع الصيني الأمريكي المرتقب خلال العام المقبل وأن الأمريكان لن يتوانوا عن افتعال أي شكل من الصراعات الدولية لزج الصين به، وأن الصراع مرجح وبقوة أن يتحول إلى نزاع عسكري مسلح.
شاهد الطرح هنا أن العالم يعيد تشكيل نفسه الآن، سياسيا واقتصاديا وعسكرياً، ولابد من التموضع بشكل جيد في هذه المرحلة، وطبعا مع الحفاظ على الثوابت وقضايا الأمة المصيرية ومقدراتها وتحديد السياسات بما يضمن ذلك.
إن كل الأمم تبحث عن تحقيق مصالحها وذلك من خلال خلق وتحديث تحالفات دولية تسمح لها بفرض سياساتها التفاوضية وقوتها الاقتصادية ونفوذها العسكري، وعليه فإنني أعي أن التخطيط الشمولي لدول العالم الإسلامي أصبح حاجة ملحة لا تقبل المماطلة ولا التأجيل، بل يجب أن تكون قضايا الأمة والتحديات المشتركة أحد أهم عناصر التخطيط المشترك، ولا أقول هنا إنني أتوقع أن تزول كل قضايا الخلاف البينية ولكن على الأقل أن تكون مراجعة التحديات المستقبلية هي الأولوية الملحة للعمل المشترك، حفظ الله الأمة ووفقنا جميعًا إلى ما فيه خيرها.