alsharq

ألكسندرا بورشاردت

عدد المقالات 3

التكنولوجيا وجاذبيتها الخطيرة في عالم الصحافة (2-2)

25 مارس 2019 , 01:32ص

لا شك أن التغيير أمر لا مفر منه؛ فالعصر الرقمي يتطلب التكيف المستمر. لكن إجراء التعديلات اللازمة دون تدمير الروح المعنوية يتطلب تنفيذ نهج موجه نحو الناس. وهذه ليست عملية مباشرة وواضحة. فللحصول على حلول رقمية، يمكن للمديرين حضور مؤتمرات رقمية لامعة، وأخذ مشورة فرق المبيعات، والتوقيع على عقود، وإغراق غرف الأخبار بأدوات جديدة. ومع الناس، يتعين عليهم أن ينصتوا بعناية، وأن يعملوا على اكتساب فهم متعمق للمشكلة، ثم وضع استراتيجيتهم الخاصة. والقيادة موضوع جيد كنقطة انطلاق. ففي أي صناعة، تشمل المسؤوليات الأساسية لقادة المنظمة أن يجعلوا موظفيهم يشعرون بالأمان والتقدير. وهذا يعني الاهتمام باحتياجات الموظفين وتعزيز الثقافة التنظيمية التي توفر لهم حِس الانتماء والغرض. ومن الأهمية بمكان تطبيق نهج مماثل على الجماهير. فحتى أكثر المقاييس دقة لا يمكنها توفير التوجيه المطلوب، إذا لم يفهم أحد ماذا تعني فعليا، أو لماذا وقع الاختيار عليها، أو ماذا قد يكون الأثر النفسي الذي تخلفه (على الجماهير أو الموظفين). ورغم أن البيانات من الممكن أن تقدم رؤى مفيدة حول تفضيلات الجمهور، فإن الإنصات إلى الناس من الممكن أن يؤدي إلى انطباعات واستنتاجات مختلفة تماما. على سبيل المثال، ربما تُظهِر البيانات أن المزيد من المحتوى يعني المزيد من مشاهدات الصفحة؛ ولكن إذا كانت الجماهير تتوق إلى كم أقل من الإلهاء وتقارير أعلى جودة، فإن إغراق السوق بمحتوى منتج بواسطة روبوتات لن يرضيهم. على نحو مماثل، ربما ينقر المستخدمون على حصة أكبر من المقالات إذا جرى استخدام الخوارزميات لإضفاء الطابع الشخصي على تجربتهم؛ ولكن إذا شعر المستخدمون بالملل والضجر من نفس الموضوعات ووجهات النظر، فلن يكون التشخيص مفيدا في هذه الحالة. إن الحلول القائمة على التكنولوجيا وسيلة وليست غاية. ولهذا السبب تستفيد صحيفة نيويورك تايمز على سبيل المثال من نجاحها الرقمي لاستثمار المزيد في الصحافة. في العام الفائت، أضافت الشركة 120 موظفا إلى غرفة الأخبار، ليرتفع إجمالي عدد الصحافيين هناك إلى مستوى تاريخي بلغ 1600 موظف. أما المؤسسات التي لا تتمتع بنفوذ صحيفة التايمز ــ وإيراداتها الرقمية ــ فربما تحتاج أيضا إلى سلوك نهج موجه نحو الناس لتأمين الاستثمار. ومع تزايد وضوح حدود نموذج الأعمال المدفوع بالإعلانات، يعتقد كثيرون من قادة الإعلام ــ ما يقرب من الثلث وفقا لدراسة معهد رويترز ــ أن المؤسسات والشركات غير الربحية سوف تلعب في المستقبل دورا مركزيا في دعم وسائل الإعلام. لكن إقناع المؤسسات والهيئات الخيرية بفتح قلوبها ومحافظها يتطلب التواصل البشري والمشاركة، وليس الخوارزميات أو البرمجيات المدعومة بالذكاء الاصطناعي. ومن الأهمية بمكان إقناع الممولين المحتملين بأن الصحافة قضية نبيلة، مثلها كمثل أبحاث السرطان. إن التكنولوجيا وحدها لا تكفي لتشجيع الديمقراطية، والمساعدة في الإجابة على أسئلة مهمة، وتسهيل القيادة الفعّالة من خلال تعزيز المساءلة. ولكن إلى حد ما، تستطيع الصحافة المسؤولة العالية الجودة أن تحقق مثل هذه الغايات. ولكن إذا كان لها أن تفي بهذا الغرض، فلا يجوز للمؤسسات الإخبارية أن تسمح لنفسها أبدا بالانجراف مع كل اتجاه تكنولوجي جديد. وإذا تعاملت مع التكنولوجيا باعتبارها أكثر من مجرد أداة لتنفيذ استراتيجيات تركز على الناس، فسوف يستمر الناس الذين تحتاج إليهم ــ من موظفين وجماهير ــ في التصويت بالرحيل.

أين الخلل في الأخبار؟ (2-2)

عموم الناس لديهم شهية للتلصص، لكنهم يفضّلون عدم الاعتراف بذلك، حتى لأنفسهم في بعض الأحيان؛ لذلك حتى عندما ينقرون على مقالات حول الجرائم المروعة، أو حالات طلاق المشاهير، فقد يقولون إنهم يريدون المزيد من «الأخبار...

التكنولوجيا وجاذبيتها الخطيرة في عالم الصحافة (1-2)

كان المفترض أن تحلّ التكنولوجيا بعضاً من أكبر مشكلات العالم، فقد تصور المراقبون ذات يوم أن توصيل الجميع بشبكة الإنترنت لا بد أن يتبعه انتشار الديمقراطية في كل مكان، وبجمع القدر الكافي من البيانات يصبح...