سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن خير النساء، فقال: "خير النساء مَن تسُرّك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك". والمال هنا هو ذاك الذي ينفقه الزوج على أهل بيته من مطعم وملبس ومسكن، بل ومركب حسن. فبالرغم من علم المرأة، علم اليقين، من خوضها لمجال العمل وتجربتها فيه مدى المعاناة التي تتكبدها حتى تحصل على الراتب، إلا أن البعض منهن لا تُقدر عناء زوجها في عمله الذي قد يتحمل فيه الظلم من أجل أن يحصل على أجره ليسعد به أسرته وليدخر منه للمستقبل، فلا تأبه للحرص عليه. وبما أن القوامة للرجل فمن الطبيعي أن يكون هو من يتحمل مصاريف بيته، فقد جُبل على العمل والإتيان بالرزق وجُبلت هي على أن تكون المُستقبِل لما يأتي به الرجل لها. ولم يتغير الأمر رغم خروج المرأة للعمل، ذلك لأن فطرتها تأبى إلا أن تكون مُستقبِلا، وتستصغر زوجها وتمن عليه إن أنفقت في بيتها مبلغا بسيطا. يكمن مال الزوج في قسمين: 1) النفقة الشهرية للبيت، و2) مال وضع في السكن والملبس والمركب الحسن. فعلى الزوجة أن تنفق في إطار خطة تضعها لبيتها لتدخر القليل فتعين زوجها بهذا الادخار في الشهر المقبل أو تضعه في صيانة البيت أو تستغله للتنزه مع الأسرة. ومن الخطأ الذي تفعله بعض الزوجات إنفاق ميزانية البيت في العزائم المختلفة للأهل والصديقات، بل وتهدي من أكل بيتها دون إذن زوجها فترهق ميزانيتهم وتأتي لنفسها بالمشاكل لطلبها المزيد. عن أبي أمامة الباهلي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: "لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها"، قيل: يا رسول الله ولا الطعام؟، قال ذاك أفضل أموالنا"، فإن اضطرت للأمر عليها أن تضع من راتبها ثمن ما أنفقت من مال الزوج. أما حفظ مال الزوج في السكن فيكون بحفظ الأثاث من الأوساخ والمحافظة عليه حتى لا يبلى، ولا تعبث في البيت دون إذنه - نعم هو بيتها - لكن ماله هو الذي أقام به هذا السكن أو استأجره به، وأن تهتم بملبسه وتعتني به من التلف، وألا تستغل طيبته لشراء أدوات ومعدات تُلقي بها للخدم دون تدريبهم عليها وهي بمبالغ عاليه أو لا تستخدمها قط فقط لإرضاء رغبة الشراء في نفسها وللمفاخرة. أما مركبه، أي سيارته، فمن الأمانة أن تصونها عند قيادتها وتحذر من الضرر بها، تسلمه إياها كما استلمتها إلا إن اعتراها سوء غير متعمد، وأخيرا فالزوجة التي تجعل زوجها يستدين من الناس ويقترض من البنوك وتنفق دون الإحساس بقيمة مال زوجها فترهق ميزانيته وتتعب نفسيته وتكلفه ما لا يطيق ثم لا ترضى، فلا خير فيها ولا بركة، ففعلها لؤم وفألها شؤم وتغييرها أفضل من البقاء معها. عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب خطبة فأطالها، وذكر فيها من أمر الدنيا والآخرة، فذكر أن أول ما هلك بنو إسرائيل، أن امرأة الفقير كانت تكلفه من الثياب أو الصِّيغ - أو قال: الصِّيغة - ما تكلف امرأة الغني». وبالمقابل تؤجر الزوجة التي تحفظ مال زوجها وتعينه على الادخار الذي فيه رفعة عن سؤال الناس والحاجة إليهم، ونماء لاقتصاد الأسرة. وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم نساء قريش بسبب رعايتهن للأولاد، وصبرهن على أزواجهن عند ضيق العيش فقال: «خير نساء رَكِبْنَ الإبل صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صِغره، وأرعاه على زوج ذات يده». همسة للاستشارات الأسرية: تحتاج الفتيات المقبلات على الزواج، بل والمتزوجات، لدورات تثقيفية في وضع خطط لميزانية الأسرة واحتياجاتها لتقنين الاستهلاك وبالتالي الادخار ثم الاستثمار.