أحدثت تكنولوجيا المعلومات ثورة هائلة في كل مفصل من مفاصل حياتنا المهنية والعملية والعلمية والصحية والترفيهية والخدمية والاقتصادية... نشعر بتأثيراتها في ثقافتنا وسلوكنا ونمط غذائنا وعلاقاتنا وخصوصيتنا المسلوبة، حيث يستطيع أينا وهو في مكتبه أو غرفة نومه أو سيارته من انهاء معاملاته الواسعة في البنك والوزارة والمؤسسة والسوق وأن ينهي حجوزات الطيران والفنادق ويضارب في الأسهم والسندات وشراء ما يلزمه والتواصل مع أي شخص في هذا العالم بكبسة زر، وتحتوي شاشاتنا الصغيرة التي نحملها في جيوبنا على عشرات التطبيقات والوسائل وكما هائلا من المعلومات والبيانات التي ترشدنا إلى وجهتنا وتصحح لنا أخطاءنا وتعلمنا ما نجهله وتحيطنا بأحداث العالم السياسية والاقتصادية والعلمية وغيرها، وتقدم لنا ما نريده ونطلبه في ذات اللحظة فلم يعد ممكنا الاستغناء عنها وسوف تتوقف الحياة بدونها، يستطيع جراح القلب أن يتحدث ويتابع ويراقب ويتعرف على إنجازات قرينه في أمريكا وأوروبا وآسيا وهو يجري عملياته هناك وأن يطبقها في بلده. وهكذا بالنسبة لمختلف التخصصات والمهن والحرف فلم تعد المعلومة والمعرفة حكرا على شخص أو طرف أو حتى دولة ونظام سياسي، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحدثت ثورة هائلة في حياتنا وفي فترة وجيزة فما هي آثارها الحقيقية على ثقافتنا وعقولنا وسعادتنا وصحتنا وخصوصيتنا ووقتنا؟ لا شك بأن هذا السيل الهادر من البيانات والمعلومات يتطلب للتعامل معه والتحقق من صحته وسلامته وفرز المفيد من الضار إنسانا متعلما واعيا ومسئولا، وقادرا كذلك على استيعاب هذه المنظومة التي تواصل تطورها وتقدمها في كل لحظة وحين وتسخيرها لخدمته واحتياجاته وتحصين أجهزته وبياناته وخصوصية حياته من الاختراق والتلصص والاحتيال الإلكتروني والتخريب وهو ما تعاني منه دول وحكومات ومؤسسات متقدمة، هذا فضلا عن الوعي الصحي المطلوب والاحاطة بتأثيرات الاجهزة التكنولوجية على العمود الفقري وإرهاقه للبصر والسمع والجسد بشكل عام خاصة بالنسبة لأولئك الذين يقضون الساعات الطويلة من أجل الترفيه والدردشة وممارسة الألعاب الإلكترونية ومشاهدة الأفلام، والتحقق بمزيد من الدراسات والأبحاث عن تأثيراتها الصحية الخطيرة الأخرى... فقد وجدت (البيانات الضخمة لتنمو والسبيل الوحيد للتصدي لها هو أن نعرف ما الذي نبحث عنه)، فـ (قبل بضع سنوات، قدر الباحثون في كلية بيركلي للمعلومات أن ما يقرب من 12 إكسابايت من البيانات قد تراكم عبر تاريخ البشرية بأكمله إلى أن تحول الحاسب إلى سلعة، لكن بحلول العام 2006 كان حجم البيانات قد وصل بالفعل إلى 180 إكسابايت، ووفقا لدراسة أحدث زاد الإجمالي إلى أكثر من 1600 إكسابايت) و(في كل يوم تتولد بيانات جديدة تكفي لملء جميع مكتبات الولايات المتحدة ثماني مرات) فقد أصبح (سوق الأفكار حر ومفتوح)، والبيانات تتفجر بشكل أكبر من أن تستوعبها المساحات التخزينية، بمعنى أن نمو البيانات أسرع من نمو الطاقة الحافظة لها، وكلما اعتمدت المجتمعات أكثر فأكثر على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فإنها تكون قد دخلت إلى مرحلة التاريخ المفرط، ويورد الكاتب مثالا من آلاف التطبيقات لهذا الاعتماد حيث وفرت هذه التكنولوجيا (رقائق صغيرة تثبت في القبعات لتساعد الناس في تنظيم تناول أدويتهم باستخدام التنبيهات ورسائل التذكير والطلب التلقائي لتعويض عبوات الأدوية التي تنفد)، وحيث (أجهزة الاستشعار الخاصة بالنظام تعرف أنماط معيشتك وعاداتك وأفضلياتك، وكلما ازداد تفاعلك مع النظام، تعلم أكثر وقدم خدماته بشكل أدق).