مع تداعيات كورونا من تراجع موارد السياحة والطيران والتصدير وتحويلات العمالة والاستثمار الأجنبي بالعديد من البلدان، وخروج الاستثمارات الأجنبية من الأسواق الناشئة بنحو مائة مليار دولار، زادت حدة مشكلة نقص العملات الأجنبية. والتي رافقها الحاجة لاستيراد المزيد من السلع الغذائية والأساسية تحسبا لطول فترة بقاء الفيروس، والذي احتاجت مواجهته المزيد من استيراد المستلزمات الطبية، ولهذا لم يكن أمام تلك البلدان سوى المزيد من الاقتراض الخارجي. حتى أن معهد التمويل الدولي ذكر أن إجمالي الإصدارات من الديون الحكومية بشهر مارس الماضي قد بلغت 2.1 تريليون دولار، لترتفع قيمة الدين الخارجي ما بين ديسمبر ومارس، بالعديد من البلدان النامية والمتقدمة منها اليابان وأستراليا وكندا وكوريا الجنوبية والنرويج والسويد. وماليزيا وشيلي وبلغاريا وكولومبيا وكرواتيا ونيوزيلندا، وأيسلندا وأيرلندا وموريشيوس وبنما وبيرو وبنما وسلوفينيا وتايوان وفنزويلا وغيرها. وقامت مجموعة العشرين بمنتصف أبريل بتعليق مدفوعات خدمة الدين، للبلدان السبع والسبعين الأشد فقرا من بداية مايو وحتى نهاية العام الحالي، الخاصة بالديون من الدول مما أتاح لها ما بين 12 إلى 20 مليار دولار، للإنفاق على احتياجات ميزان المدفوعات والمستلزمات الطبية. لكن تلك الخطوة لم تشمل ديون تلك الدول الفقيرة لدى القطاع الخاص، مع دعوة القطاع الخاص لاتخاذ خطوة مماثلة. وكان المفترض إلغاء الديون الخاصة بالعام الحالي للدول الفقيرة وليس فقط تعليق السداد، كما أثار عدم تخلي تلك الدول الغنية عن الفوائد، تساؤلات حول قدرة الدول الفقيرة على السداد بنهاية العام، في ضوء تراجع أسعار السلع الأساسية التي تعتمد على تصديرها. في ظل تراجع أسعارها بسبب تراجع الاستهلاك الناجم عن الحظر الجزئي، ومنها الألومنيوم والنحاس والرصاص والنيكل والقصدير والزنك والبلاتين، والنفط والغاز الطبيعي والفحم والقطن وزيت النخيل وفول الصويا والذرة. كما أن تلك الدول لا تشمل دولا أخرى مثل لبنان والإكوادور عالية المديونية، حيث لا تشمل الدول متوسطة الدخل، مما دعا لطلب ضم الدول متوسطة الدخل للمبادرة، فإذا كانت مدفوعات خدمة الدين للدول الأكثر فقرا تعادل ما بين 12 إلى 20 مليار دولار، فإن مدفوعات خدمة الدين بتركيا بالعام الحالي تصل 22.7 مليار دولار، والأرجنتين 20.8 مليار ومصر 20.7 مليار بخلاف الديون قصيرة الأجل، وإندونيسيا 16.7 مليار ونيجبريا 8.4 مليار وجنوب أفريقيا 8.3 مليار دولار. ولقد تقاعست الحكومات عن المطالبة بإعادة هيكلة ديونها خشية انخفاض تصنيفها الائتماني، والذي يجعل من الصعب عليها مستقبلا إمكانية الحصول على تمويلات جديدة بشروط مناسبة، إلى جانب وجود صعوبات لدى المقترضين لإمكانية التوصل إلى اتفاقية لإعادة هيكلة الديون مع الجهات الدائنة، والتي صارت الآن في شكل العديد من صناديق السندات وليست بنوكا أو دولا. ورغم ترحيب صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بخطوة دول العشرين، إلا أنهما لم يتخذا خطوة مماثلة بتعليق سداد ديون الدول الفقيرة، فيما عدا إعلان صندوق النقد عن إسقاط ديون مستحقة على 25 دولة نامية، من خلال الصندوق الاستئماني لاحتواء الكوارث وتخفيف أعباء الديون بقيمة إجمالية 214 مليون دولار. وأنشأ الصندوق خطا للسيولة قصيرة الأجل لتقديم قروض لمدة 12 شهرا لا يتطلب استيفاء شروط لاحقة ولا مراجعات. وأعلن البنك الدولي إتاحة حزمة تمويل فورية بقيمة 14 مليار دولار لمساعدة البلدان والشركات، مع تعهدات بإتاحة 160 مليار دولار من منح ومساندة مالية بالخمسة عشر شهرا القادمة لمساعدة البلدان النامية لمواجهة آثار الفيروس بمائة بلد. وأعلن الرئيس الصيني أنه سيتم إعفاء بعض الدول الأفريقية من سداد قروض يحين موعد استحقاقها بنهاية العام.