حصيلة ترامب وتوجهاته المستقبلية (2/2)

يواجه ترامب عدة ملفات بمقاربات مختلفة، فقد لجأ للحوار في علاقته كوريا الشمالية التي ينظر لها على أنها نقطة تحول كبيرة في مواجهة الصين لأنها ستساعده على بسط نفوذه في آسيا، بينما يستعمل أسلوب العقوبات الاقتصادية الضاغطة على إيران والتي تؤثر على المستوى المعيشي للمواطنين والكفيلة بتغيير الأوضاع في طهران. في حين ستعمل أسلوبا مزدوجا في التعامل مع الصين فهو يهاجم حلفاء الصين ويضغط عليهم بعقوبات اقتصادية وبإعلان حرب تجارية عليهم وفي نفس الوقت بدأ حوار إستراتيجي مع الصين يخص التفاوض حول العلاقات التجارية وحول التطور التكنولوجي النوعي للصين عبر شركتها هواوي مما يثير مخاوف الولايات المتحدة الأمريكية بخصوص مزاعم صينية للتجسس على أنظمة الاتصال. على صعيد آخر، يستغل ترامب الظرفية الاستثنائية لأوروبا فهي تعيش أزمة حقيقية متعددة الأشكال، فقد كان للبريكست وقع كبير على الاندماج الأوروبي كما كثرت دعوات الانفصال كما هو الحال مع إقليم كتالونيا الغني في إسبانيا والذي يساهم بأكثر من 20 % في اقتصاد هذه الأخيرة، إضافة إلى كثرة الاحتجاجات الاجتماعية كما هو الشأن في فرنسا، ألمانيا وبلجيكيا مع تزايد وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في العديد من الدول الأوروبية ومنها إيطاليا ثالث أهم اقتصاد في أوروبا مما يؤدي إلى احتقان وحشد ضد الديمقراطيين والليبراليين وأزمات دبلوماسية كالأزمة الغير مسبوقة بين فرنسا وإيطاليا بعد الحرب العالمية الثانية بسحب السفير الفرنسي من روما بعد تصريحات عدائية لإيطاليا واستقبالها لوفد من حركة السترات الصفراء المناهضة للرئيس ماكرون. في نفس السياق، يسعى ترامب إلى توطيد علاقته بدول أمريكا الجنوبية حيث يعتبرها دولا مهمة للأمن القومي الأمريكي كما أنها تزخر بموارد طبيعية كبيرة ففنزويلا التي يدعم ترامب تغيير النظام السياسي فيها هي صاحبة أكبر ثروة نفطية في العالم وجعلها ضمن النفوذ الأمريكي سيكون له أثر إيجابي على مخططات التوسع الأمريكية، كما أصبح لترامب حليف مهم في البرازيل الدولة كبيرة من حيث المساحة والديموغرافية وهو بولسونارو القادم من خلفية شعبوية والمتشابه في تصريحاته وخطابه السياسي مع ترامب. أما داخليا، فبعد انتخابات الكونغرس الأخيرة ورغم نتائجها المحفزة للديمقراطيين إلا أنهم لم يحسموا بعد من سيكون مرشحهم في مواجهة ترامب سنة 2020، حيث ينتظرون مخرجات تحقيق مولر لتحديد مرشحهم على الرغم من كثرة الأحاديث حول مايكل بلومبرغ الذي له خلفية اقتصادية وكذلك كمالا هاريس التي تتمتع بشعبية كبيرة. وختاما، لقد تسبب فشل التيار الديمقراطي والليبرالي في الدول الغربية في احتواء المطالب الاجتماعية للمواطنين وتقريب العولمة من اهتماماتهم، الأمر الذي ساهم في صعود اليمين القومي، وبذلك سيكون ملكا مضاعفا فرطوا فيه بسبب سياسات اقتصادية واجتماعية خاطئة.