


عدد المقالات 1
إن خلق مزيد من الفرص للمشاركة في الحياة المدنية والسياسية يعني أنه بإمكاننا تعزيز الثقة في مؤسساتنا ووقف مد التطرف، ولكن هذه المشاركة تحصل بشكل متقطع وغير منتظم، وعادة ما تتعلق بالحملات ذات الطابع السياسي، والسياسة بشكل عام -كما حصل مع الحملة الرئاسية لباراك أوباما سنة 2008، أو حركة حزب الشاي والتي نشأت لمعارضته- إن الذي يحصل عادة بعد جرائم إطلاق النار الجماعي هو زيادة الاحتجاجات المتعلقة بقوانين الحد من انتشار الأسلحة، ولكن بعد فترة قصيرة تقوم الجمعية الوطنية للبنادق باستغلال الخوف من تجاوزات الحكومة في تشجيع المشاركة في الاتجاه الآخر، إن الوصول للمشاركة الحقيقية عوضاً عن ردة الفعل على القضايا التي تأتي من السياسيين أو بسبب الظروف، تتطلب مؤسسات جديدة تتغلب على الحواجز التي تعيق المشاركة المدنية المنتظمة والفعالة والتغيير الذي يحركه المجتمع. بينما يعاني العالم الغربي من الفردية الزائدة عن الحد، فإن معظم الابتكارات المعتبرة في الحوكمة والاقتصاد تحدث في الجنوب العالمي، ففي رواندا على سبيل المثال قامت الحكومة بإدخال سياسات لتشجيع الحلول على المستوى الشعبي، والتي تعزز من روح المواطنة لدى المجتمع والمساءلة المشتركة، ومن خلال اجتماعات شهرية للخدمات المجتمعية، يعمل الأفراد والعائلات معاً لبناء منازل للمحتاجين وإصلاح الطرق وتجميع الأموال من أجل الاستثمار في طرق ومعدات زراعية أفضل. تخيل لو اجتمع أكثر من 300 مليون أميركي كل شهر للغرض نفسه، سيكون هناك فجأة المليارات من الساعات الإضافية المتعلقة بالمواطنة، والتي يتم استثمارها في التواصل بين الجيران والعمل المتعلق بالمواطنة. لقد كانت هذه واحدة من التأثيرات الرئيسية لجمعيات التوفير والقروض القروية، والتي نشأت في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فضمن تلك المجتمعات يستطيع الأعضاء الوصول للقروض للبدء بمشاريع صغيرة والتوفير للأيام العصيبة، إن هذا النموذج ناجح لأنه قائم على أساس المساءلة تجاه الجيران، وبالمثل ومن هاييتي إلى ليبيريا وبوروندي وغيرها، أثبتت الأنظمة الصحية ذات الأساس المجتمعي فاعليتها، وذلك لأن العاملين الصحيين يعرفون جيرانهم واحتياجاتهم، فالعاملون الصحيون في المجتمع المحلي يتنقلون من منزل لآخر، من أجل تفقد الأمهات الحوامل والتحقق من العناية بهن، إن كل حل من تلك الحلول يستخدم ويعزز المساءلة المجتمعية من خلال المشاركة المشتركة، وليست خطوط المساءلة التقليدية من قمة الهرم لأسفله. لو كنا نؤمن بالمبدأ الديمقراطي، بأن الحكومات يجب أن تكون مسؤولة أمام المواطنين، فإنه يتوجب علينا بناء أنظمة تجعلنا مسؤولين تجاه بعضنا البعض، ويجب أن تتجاوز المشاركة الانتخابات والاحتجاجات، يجب علينا أن نبدأ حقبة جديدة من الديمقراطية التي يحركها المجتمع، كما يجب أن تكون هناك لا مركزية في السلطة، بحيث يتم وضعها في أيدي العائلات والمجتمعات المحلية. عندما نحقق الديمقراطية التي تحركها المجتمعات المحلية، سنتواصل مع بعضنا البعض ومع حكوماتنا، ليس فقط في المناسبات الخاصة ولكن بشكل مستمر، وذلك لأن ديمقراطيتنا وحريتنا تعتمد علينا.