تعادل اليورو والدولار

هل تؤدي الأوضاع العالمية الحالية وتحديدا الحرب الأوكرانية في واقعها ونتائجها الى عودة التعادل بين اليورو والدولار بعد غياب أكثر من 20 سنة. في الاقتصاد، نعتقد أن سعر الصرف يعكس الأوضاع الاقتصادية في الدول التي تصدر النقد. اليورو نقد مشترك لـ 19 دولة قررت الانضمام الى النادي الذي يدار من قبل المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت. المعلوم أن اليورو وجد سنة 1999 لتوحيد أوروبا وتحقيق الازدهار والاستقرار فيها. هل الأوضاع الاقتصادية في أوروبا والولايات المتحدة تدفع مجددا نحو التعادل النقدي، علما أن حجمي الاقتصادين متقاربان جدا؟ كيف يمكن وصف الأوضاع في أوروبا وتحديدا في منطقة اليورو؟ تبعا لأرقام صندوق النقد الدولي، من المتوقع أن تنمو منطقة اليورو 0,8% هذه السنة مقابل 1,6% للولايات المتحدة. أما بالنسبة للسنة المقبلة، تشير الأرقام الى تقارب النمو المتوقع أي 1,4% لليورو و 1,1% لأمريكا مما يقرب الأوضاع أكثر. المشكلة الأهم في منطقة اليورو هي التضخم اذ تأخر المصرف المركزي الأوروبي برفع الفوائد مقارنة بما فعل المصرف المركزي الأمريكي. انخفض التضخم مؤخرا في أوروبا بسبب انخفاض أسعار الطاقة كما بسبب ضعف الاقتصاد العام. أما تجاوب الاقتصادات الوطنية مع العوامل الخارجية فيختلف من دولة الى أخرى تبعا للسياسات المالية المختلفة. تحاول الوحدة الأوروبية توحيد قراراتها الا أن المصالح المتباينة تمنع تحقيق الاجماع المطلوب لاتخاذ القرارات. ربما تسهيل الآليات المؤسساتية أصبح ضروريا اليوم. لا شك أن توافر المحروقات من نفط وغاز كما أسعارها يشغلان بال الحكومات كما المواطنين لأن الاقتصاد الأوروبي بحاجة اليهما وروسيا كانت مصدرهما الأساسي. قررت أوروبا مقاطعة الامدادات الروسية مما أشعل القلق كما الأسعار. لن تستقر الأمور قبل ايجاد مصادر طاقة بديلة دائمة وكافية من مناطق أخرى كالخليج. انخفضت أسعار المحروقات مؤخرا بسبب انخفاض الطلب بالرغم من تحديد الكميات المنتجة من قبل مجموعة "أوبك بلاس". تحاول أوروبا أيضا تطوير الطاقات النظيفة لكن اعتمادها عليها ما زال ضعيفا.  هنالك دائما خوف في أوروبا من الركود الذي يمكن أن ينتج عن الأوضاع العالمية العامة، وبالتالي تتأثر الأوضاع الاجتماعية سلبا. هنالك امكانية لحصول ركود في السنوات القليلة القادمة في منطقة اليورو مما يسبب زيادة في البطالة وتدنيا في المنافع والأجور كما في مستوى المعيشة. جميع هذه العوامل تدفع اليورو سلبا أي نحو تعادله مع الدولار قريبا. انخفاض اليورو يعزز أوضاع السياحة الأمريكية في القارة القديمة هذا الصيف، وهذا مهم جدا للفريقين. من ناحية أخرى انخفاض اليورو تضخمي لأوروبا اذ يرفع تكلفة الاستيراد ويخفض قيمة أرباح الشركات الأمريكية فيها والتي تقيم حساباتها بالدولار. من الممكن أن يدفع انخفاض اليورو الشركات الأمريكية الى التفتيش عن مواقع جغرافية أخرى لاستثماراتها، مما يؤثر سلبا على النمو الأوروبي والبطالة. المنافسة بين امريكا والوحدة الأوروبية تبقى قائمة ضمن قواعد التعاون والتنسيق عبر مؤسسات متنوعة كال G7.