السقوط والحلول

بنيت السياسة الاجتماعية لعهدي شافيز ومادورو على استعمال الإيرادات النفطية لتمويل الحاجات الاجتماعية ودعم السلع الأساسية وضرب الفقر. لم يكن هنالك تفكير أو رؤية بشأن التنويع الاقتصادي لتخفيف مخاطر الاتكال على النفط. انخفض عدد الفقراء من 50% في سنة 1999 الى 27% في سنة 2011 وعاش الشعب في بحبوحة مقبولة. عندما انخفض سعر برميل النفط كما حصل، لم يعد بالإمكان الاستمرار بتمويل حاجات الشعب وبالتالي وقعت الأزمة الاجتماعية المستمرة. كانت الالتزامات الاجتماعية محقة وإنسانية، لكنها لم تكن مدروسة ماليا. ارتفعت حصة النفط من الصادرات من 70% في سنة 1998 إلى 98% في سنة 2013 مما يشير إلى التأثير الخطير لسعر البرميل على الاقتصاد. نضيف إليه حصول جفاف قاس ضرب الإنتاج الزراعي علما أن الاستيراد أصبح مكلفا مع سقوط النقد. أوضاع اقتصادية صعبة بالإضافة اإى جوع ضرب الطبقات الوسطى والفقيرة. عندما بدأت أسعار النفط بالانخفاض، لجأت الدولة إلى التمويل النقدي عبر زيادة حجم الكتلة النقدية والاقتراض. أبسط الملمين بالعلوم الاقتصادية يعرفون جيدا أن هذا يؤدي إلى التضخم وإلى انهيار النقد وهذا ما حصل فعلا وبسرعة. لم تكن إدارة الدولة مسؤولة وجدية، إن النظام الكوبي الذي حاول شافيز نسخه مختلف جدا. يختلف أولا بعدم وجود شخصية ككاسترو جذبت الشعوب وأقنعتها عن حق أو باطل بالتقشف والالتزام بمبادئ «الثورة». لذا فرحيل كاسترو يخلق اليوم مشكلة في كوبا. لا شك أن قيادة الدولة مهمة جدا في الظروف الصعبة وهذا ما فشل به شافيز ومادورو. بالإضافة إلى سوء الإدارة الداخلية، ساءت العلاقات مع دول الجوار والولايات المتحدة والمؤسسات الدولية أي لم يعد ممكنا إيجاد من يمكن أن يساعد فينزويلا. تجمعت كل المصائب في وقت واحد أي أزمة سياسية حادة مع الجوار، أزمة إدارة اقتصادية واجتماعية للدولة، انهيار الأمن وزيادة المخاطر الشخصية وانهيار الأمن العام بالإضافة إلى عدم توافر المحروقات في بلد يصدره. ارتفع الإجرام إلى 200 جريمة لكل 10 آلاف شخص وهي من الأعلى في العالم. ما هي الحلول لإنقاذ الدولة والشعب؟ إن وقف التمويل عبر النقد أي ضبط الكتلة النقدية للسيطرة على التضخم ووقف انهيار النقد أكثر ضرورة، على أن يترافق مع تخفيض الإنفاق وإيجاد مصادر تمويل أخرى ربما عبر المساعدات الخارجية. إن تخفيض الدعم حتى للسلع الأساسية ضروري لأنه لا قدرة للدولة على الاستمرار في الإنفلات المالي. السكان سيتضايقون لأن أوضاعهم سيئة وبالتالي هل باستطاعة الحكومة اليوم تأمين مساعدات مالية بديلة عبر المنظمات الإنسانية؟ أخيرا، لا بد من إعادة بعض الاعتبار للنقد عبر رفع قيمته في السوق بالتزامن مع تأمين العملات الصعبة. هذا ممكن لأن الدولة غنية والاقتصاد قابل للتعافي ربما مع إدارة سياسية جديدة. تحتاج فينزويلا إلى دعم اقتصادي ومالي كبير لتجنب الأسوأ والهجرة والفقر ولمحاولة بناء، ربما خلال 15 سنة، دولة حديثة فاعلة.