دعوة لترويض الحزن والفرح..!

إذا كان أحدنا من الذين يجري التعصب في دمائهم فإن تعصب الفائز سينسيه هموم حياته المعقدة، ثم يتجاوز حدوده إلى إطلاق إساءات يكبو معها لسانه وحصانه.. أما لو سقط ناديه فسيغرق في الكثير من الهموم والأوجاع، أكانت المباراة محلية أو دولية الصنع والمصدر.. * ولذلك ليس من الحكمة في شيء أن تسيطر على بعضنا اوهام الإحساس بأن على النادي الكبير أن يفوز على الدوام مهما بلغ الود بينه وبين البطولات كما يحدث دائما من مشجعي أندية كبيرة كلما تابعوا خروج ناديهم من بطولة محلية أو قارية أو دولية..! * أعرف أصدقاء متعصبين لأنديتهم المفضلة يخافون من أحزانهم عقب هزائم أنديتهم خاصة عندما يتعلق الأمر بسقوط أحد الناديين في الدربيات ذات التنافس التقليدي.. البعض يختفي عن مشهد اليوم التالي للهزيمة ويطلب إجازة طارئة من عمله هرباً من شماتة متعصبين آخرين، لايراعون في خاسرٍ إلاًّ ولا ذمَّة.. وأغرب المتعصبين من يتمتع بقوة طباع خاصة، فيجادل وينتقص من فرحة المنافس بعبارات قاسية، ينقصها التهذيب ولسان حاله: مهزومون نعم لكن عيوننا حمراء وجاهزون لرد الصاع صاعين.. * وقليلون هم الذين يعشقون ناديا فإذا سقط اعترفوا بأخطائه وبأن من العدالة الكروية أن منافسهم فاز وأن فريقهم استحق الخسارة من ناد هو الآخر كبير، حتى لو لم يكن لناديهم المفضل ذلك السجل التاريخي قياسا بخصمه الخاسر للنزال.. وقد اعترف لي ناشط إعلامي رياضي أنه يجهز قبل كل مباراة لفريقه ثلاثة منشورات، بحيث لا يتأخر في مواكبة النتيجة والنيل من المنافسين لحظة الفوز أو التعادل أو حتى عند الخسارة.. * وكنت رصدت تداعيات سقوط ريال مدريد في مهمة بحثه عن اللقب 15 في دوري أبطال أوروبا فخرجت بغريب التصورات وعجيب الطموحات والطريف من النوادر التي تنتزع الابتسامة مرَّة وتفسِّر معنى الكوميديا البيضاء والسوداء مرات..! * حتى ما كان يسميه العرب بالتطير سجل حضوره على نحو إنها ليلة سوداء على مانشستر سيتي، لأن الرياليين ارتدوا القمصان السوداء.. لكن اللون ايضا حمال أوجه، فكان هناك من كتب، لقد نزل الريال إلى الملعب حاملاً إشارة حتفه بتلك القمصان، وهنا توحَّد اللون واختلفت اتجاهات التشاؤم والتفاؤل وفقا للأمنيات المحبوسة في صدور المعسكرين..! * وحتى وتلك المباراة ماتزال في شوطها الأول قرأت كلاما غير صحيح منسوب إلى انشيلوتي مدرب ريال مدريد مضمونه: سنفاجئ مانشستر سيتي ومعه طاقم التحكيم.. وعندما سألوه عن المفاجأة قال: لن ندخل الملعب..! * وكثيراً ما تتجاوز ردود الأفعال المغرورة أو الشامتة الفريقين إلى مقارنات بين نجوم وبين مدربين كأن يقول مشجع بأن انشيلوتي مدرب إعجازي للغاية ولا يكتفي بهذا وإنما يصوب سخريته على المدرب الآخر على نحو: لا مقارنة.. هل تريد إقناعي بأن مدرب مانشستر غوارديولا أفضل مدرب..»عليك أولا إقناع غارديولا نفسه أنه كذلك..» * حدث مثل هذا، مع أن انشيلوتي اعترف بأفضلية السيتي، وقال عقب سقوط فريقه ببساطة: خسرنا أمام منافس كان الأفضل وعلينا تقبل الهزيمة، كان موسمنا جيداً، وهؤلاء اللاعبون فازوا على سيتي الموسم الماضي، وفازوا بدوري أبطال أوروبا.. نطالب ببعض الاحترام.. * ليس المطلوب من المشجع أن يتحدث عن أساليب اللعب ولماذا فاز هذا ولماذا خسر ذاك ومن فرض أسلوبه على الآخر ؟ وإنما الاعتراف بكون الرياضة فوز وخسارة، وأنه ليس على الفريق الكبير أن يفوز دائما حتى لو كان شامة على خد الزمن.. * وكما تمضي الفرق الرياضية نحو البطولات مستفيدة من أخطائها وثغرات الآخرين فإن علينا كمشجعين الذهاب نحو الاعتراف بأن لكل جولة صراعية ظروفها، وأن من الحماقة أن نغفر لبعضنا الأخطاء الشخصية وننساها فإذا فاز الخصم الرياضي وإذا أخطأ احد مشجعيه على فريقنا المفضل لا نغفر له، ولا نسامح.. * قليل من الاحترام.. وترويض الأفراح والأحزان..!