خلال السنوات الماضية أصدرت مجموعة العمل المالي (الفاتف) 40 توصية دولية تتعلق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب. وهذا ما جعل السلطات المحلية في كل دولة عضو تبدي المزيد من الاهتمام والحرص تجاه أي بلاغ مالي مشبوه للتحقق منه. وأصبحت هذه البلاغات التي ترد من المؤسسات المحلية والعالمية تشهد زيادة مستمرة. فعلى المستوى المحلي بالسلطنة على سبيل المثال، فقد بلغ عدد البلاغات الواردة للمركز عن المعاملات المالية المشبوهة في العام الماضي 2016 نحو 623 بلاغا وفق إحصائيات المركز الوطني للمعلومات المالية بشرطة عمان السلطانية، بعد أن سجل المركز 286 بلاغا في عام 2015 بنسبة زيادة قدرها 118%. ويعتبر هذا مؤشرا إيجابيا نتيجة للوعي والخبرة والتدريب وتبادل المعلومات في هذا المجال سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. ورغم هذا العدد الكبير من البلاغات، ونتيجة للحرص الذي تبديه الجهات المعنية والتدقيق في تلك البلاغات بحيث لا يقع أي شخص ضحية وشاية أو بلاغ كاذب أو معلومات خاطئة، فقد تمت إحالة 29 معاملة مشبوهة فقط من تلك البلاغات إلى الجهات التنفيذية، بالاضافة إلى إحالة 137 معلومة للأمانة العامة للضرائب تتضمن مخالفات ضريبية. هذه المعلومات تم الإفصاح عنها في ندوة أقيمت قبل أيام بغرفة تجارة وصناعة عمان تحت عنوان "دور المركز الوطني للمعلومات المالية فيما يخص قطاعات المال والمصارف والتأمين" بحضور المسؤولين في المركز الوطني للمعلومات المالية والشرطة والادعاء العام وأعضاء اللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. اليوم يقوم المركز الوطني للمعلومات المالية بدور كبير في الكشف عن هذه الجرائم، ولديه اتصالات مع المؤسسات المماثلة في الخارج لمتابعة القضايا المالية المشبوهة، ويقوم بتلقي وتحليل وإحالة تقارير المعاملات المشبوهة المتعلقة بمشاكل غسل الأموال وتمويل الإرهاب والأساليب والطرق التي يتبعها الجناة في هذا الشأن، وكيفية كشف وملاحقة هذه الأنشطة الإجرامية التي أصبحت تشكل تهديدا حقيقيا للدول ولأمنها ومصالحها. فهذه الأنشطة المالية المشبوهة في حال نجاحها بالدخول إلى القنوات النظيفة، فإنها سوف تشكّل أحد التحديات الكبيرة التي ستواجهها الاقتصادات المحلية في وجود تنافس كبير مع المؤسسات التجارية والاستثمارية الجادة، حيث إن الأموال المهربة والقذرة لا تعطي الفرصة المساوية للأعمال التجارية أن تنمو بصورة طبيعية ومرنة وتدريجية، وتؤدي إلى نفور الاستثمارات المحلية والخارجية في ظل التلاعب من قبل المؤسسات المشبوهة. وفي هذا الشأن، يؤكد المسؤولون في الغرفة بأن مثل هذه الندوات تشكّل أهمية خاصة للقطاع الخاص عموما، والقطاع المالي والمصرفي بدرجة خاصة، ولها آثار إيجابية لحماية الشركات والمؤسسات من الممارسات المشبوهة التي هي في جميع الأحوال ضارة ومعطلة للتنمية الشاملة التي تشهدها الدولة. اليوم فإن المركز الوطني للمعلومات المالية يقتصر دوره في تلقي البلاغات والمعلومات من المؤسسات المالية والأعمال والمهن غير المالية والجمعيات والهيئات غير الهادفة للربح، وغيرها من الجهات المختصة عن المعاملات المالية المشبوهة وعوائد تلك الجرائم وصلتها أو ارتباطها بالإرهاب ومتابعة وتنفيذ متطلبات مراقبة النقل المادي عبر الحدود سواء للعملات المحلية والأجنبية، بالإضافة إلى الجرائم الأصلية الناجمة من تجارة الأسلحة، والاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين، والقرصنة البحرية والرشوة والفساد وغيرها.