أمريكا تتغير وتغير

هنالك إجماع دولي يؤكد أن الديموقراطيات مهددة نتيجة الصراع السياسي العالمي والأوضاع الاقتصادية المتشنجة والارهاب. أهم هذه المؤشرات هي انتخاب دونالد ترامب رئيسا. أفكاره التي انتخب على أساسها تصفها مجلة «فورين أفيرز» الرائدة بالعادية أي كلاسيكية لكنها تتسم في نفس الوقت بعدم الكفاءة بل بالخطرة. فيما يخص أفكاره الأوروبية، هنالك انقلاب مقارنة بالسياسات السابقة. أولا أيد ترامب خروج بريطانيا من الوحدة الأوروبية وتعاطف الى حد بعيد مع الأفكار اليمينية المتطرفة. وضع «أميركا أولا» كشعار بل كهدف لرئيس أميركي يناقض السياسات السابقة، أقلها منذ «هاري ترومن». الأخطر هو عدم تأييده للاتفاقيات التجارية وللتحالفات السياسية والعسكرية التي كانت تصب كلها على عكس ما يعتقد في مصلحة بلاده. طبعا هو يتراجع عن بعض أفكاره، خاصة عندما قال للرئيس الفرنسي ماكرون انه فضله على منافسته اليمينية وعندما أخذ يطالب بتعديل اتفاقيات بدل الغائها وغيرها. شعارات ترامب بأكثريتها غير مبنية على وقائع وعلوم. آخر خطواته اقالة وزير خارجيته «ريكس تيلرسون» عبر «تويتر» وتعيين مدير عام وكالة الاستخبارات مكانه. خطوات تشير الى تشدد قديم جديد. أتى ترامب الى الحكم نتيجة فشل العديد من الخطوات السابقة من سياسية واقتصادية وغيرها. ينسحب ترامب تدريجيا من قيادة العالم الذي بنته الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. خطابه في قمة دول حلف شمال الاطلسي شددت على ضرورة تسديد الدول الأعضاء واجباتهم المالية، أي على عكس رسائل الرؤساء السابقين. قال الرئيس ترومان انه مهما كانت أميركا قوية، لا يمكنها أن تدير العالم كما تشاء. ركز الرؤساء الأميركيون منذ ترومن على وجود دول حليفة صديقة قوية تتعاون معها في السراء والضراء مهما كانت التكلفة المالية. أتى اليوم ترامب كمحاسب مالي وليس كقائد استراتيجي لحلف سياسي وعسكري. من لا يؤيد الولايات المتحدة ويريدها أن تفشل سيكون مسرورا بما قاله وسيقوله ترامب في جميع لقاءاته بما فيه اجتماعات دول العشرين. يشعر الانسان أن الرئيس الأميركي ينظر الى المدى القريب ولا يقيم الضرر على المدى البعيد لدولته وشعبه. المهم أن لا يفكر كما فعلت الصين بالبقاء رئيسا مدى الحياة. ترامب ضد العولمة التي في رأيه أفقدت الولايات المتحدة وهجها وجعلتها تعاني من البطالة ومن ضعف النمو. وضع تعريفات على الفولاذ والألمنيوم مما ساهم في استقالة «غاري كون» مستشاره المنفتح. اهتمام الولايات المتحدة بالخارج أكثر من اهتمامها بالداخل، في رأيه، أضر بالاقتصاد الأميركي وكان لابد من انتخاب منقذ هو ترامب نفسه. يريد دفع الاقتصاد الى الأمام أي زيادة نسب النمو بسرعة وقوة علما أن ما تحتاج اليه أميركا هما عاملان زيادة الانتاجية وتوافر اليد العاملة المتخصصة. من الصعب على أميركا أن تحقق نمو 3% سنويا من دون استيراد العباقرة كما فعلت منذ تأسيس الدولة في سنة 1776. قوانين الهجرة التي يهدف اليها تعاكس المصلحة العامة وتضر بالاقتصاد.