الأزمات المالية العالمية.. كيف نستفيد منها؟ 2 - 2

كتبت في مقال سابق نشرته جريدة لوسيل قبل سنتين عن دور الإعلام وأهميته باعتباره في عالم اليوم السلطة (الرابعة) التي يعول عليها في مراقبة وتقييم أداء المؤسسات المختلفة من خلال إعداد ونشر التقارير الاعلامية المتخصصة والتحقيقات الصحفية الرصينة واللقاءات المتواصلة مع المواطنين والمسئولين والخبراء وذوي الاختصاص، ومناقشة القضايا والملفات الوطنية، ومتابعة ونقل وتحليل القرارات المتخذة وتقديم القراءات والمؤشرات المستخلصة وتوضيح السياسات والاجراءات المتبعة وكيفية التعامل مع الأزمات الاقتصادية والمالية، وتوعية المجتمعات، والاجابة على التساؤلات المطروحة من قبل المواطنين وذلك بما يعزز قيم الشفافية، فالدور المؤثر لوسائل الإعلام ليس في (تعميم المعرفة والتوعية والتنوير فحسب، بل في تشكيل الرأي، وتوجيه الرأي العام، والإفصاح عن المعلومات، وخلق القضايا، وتمثيل الحكومة لدى الشعب، وتمثيل الشعب لدى الحكومة...)، وعلى ضوء أزمة تراجعات أسعار النفط وتأثيراتها الحادة على الوضع الاقتصادي يصبح من الضرورة بمكان أن تعتمد دول الخليج على خبراء اقتصاديين لدراسة مثل هذه الأزمات واستخلاص دروسها والتعرف على طريقة تعامل أنظمة وحكومات العالم معها، والاستفادة من تجاربها والخيارات المتاحة لأي حالات قادمة شبيهة، وهو ما دفعني لاستخلاص وعرض أهم النتائج والدروس التي استفدت منها بعد مشاهدتي للبرنامج الوثائقي - الذي عرضت لمحتواه في الجزء الأول من المقال - مجملة باختصار في النقاط التالية: أدت عملية الفصل التي شملت الملايين إلى تآكل الطبقة المتوسطة إذ انخفضت دخولها إلى أكثر من 7%، وفقد المواطن الأمريكي ثقته في نظام بلده الاقتصادي وانهار الحلم الأمريكي الذي كان ينير طريق كل مواطن فيه. نتائج خطيرة ينبغي التفكير فيها برؤية وعمق ووقاية الاقتصاد الخليجي من الوقوع في هكذا أزمات. العاطلون عن العمل حصلوا على إعانات تبلغ 430 دولارا في الأسبوع وفقا لآليات وضوابط محددة. ما يعني أن الحكومة قامت بدورها في التخفيف من معاناة العاطلين. لعبت المصارف دورا أساسيا في قيام الأفراد ببناء وشراء مساكن خاصة، وتسببت البطاقات الائتمانية في الافراط في الاستهلاك، وهو ما ضاعف من معاناة العاطلين الذين أفقدتهم القروض ممتلكاتهم ومساكنهم الخاصة، ورمتهم إلى الشوارع دون مأوى. وهنا يتطلب الأمر توعية المواطن الخليجي بأن يقي نفسه وأسرته شراك الديون في عالم متغير يفتقد إلى الضمانات. باع البعض مجوهراتهم وممتلكاتهم ومقتنياتهم الشخصية لتأمين الغذاء لأبنائهم. فكلما ارتفعت مدخرات وممتلكات الأسرة كلما تمكنت من التعامل مع الأزمات المالية والقدرة على تدبير المتطلبات المعيشية عند الاستغناء عن المعيلين وظيفيا. بلغ عدد الأشخاص الذين استخدموا البطاقات التموينية أكثر من 45 مليون شخص، وانتشرت مظاهر الفقر بشكل واسع وسريع في الضواحي، وفي ذات الوقت كان الحوار متواصلا في الكونجرس والدوائر السياسية لبحث ملف العاطلين عن عمل، والمراكز والدراسات المتخصصة ترصد المتغيرات والآثار المرتبطة بهذا الموضوع، وتقدم الرؤى والتوصيات التي تساعد الحكومة للعمل على مساعدتهم والتخفيف من معاناتهم. بمعنى أن الحراك كان متواصلا ومستمرا على جميع المستويات ومن جميع الأطراف لمعالجة الأزمة. (نستفيد من هذه البرامج الإعلامية من حيث إنها توثق لهذه الأزمات بأسلوب ذكي وطريقة احترافية، ولما تحتويه من تجارب ودروس قيمة يمكن الاستفادة منها في التنبؤ بالأزمات المالية وتوعية المجتمعات بأن الاقتصاديات معرضة للاهتزازات والأزمات مهما كانت متانتها وقوتها والتعرف على الأسباب والتحديات للوقاية منها واستخلاص الأفكار والمقترحات العلاجية).