قطر.. إنجاز يختصر الزمن

قليلة هي الكلمات التي سوف تؤطر حب الوطن في يومه الأغلى، وقليلة هي المشاعر التي يمكن أن ترسم لوحة الوفاء للمؤسس، فكل شيء سيقف في هذا اليوم يستذكر تلك اللحظات التي شكلت الوطن، ويمضي معها في مسيرته التي قادها وتقدم طليعتها رجال مخلصون، وضعوا نصب أعينهم هام السحاب، فكانوا له رفيقاً وكانوا له عنواناً. اليوم، يعيش الوطن لحظاته الأبهى، ويعيش أبناؤه فرحة ذكرى التأسيس التي مثلت لحظة الانطلاق، وكانت لحظة الإلهام لكل من جاء بعد جيل التأسيس، اليوم تتعانق ذكريات ذلك الماضي مع إنجازات الحاضر وتطلعات المستقبل، لترسم لوحة قطر التي باتت اليوم علماً يرفرف فوق الهامات، ولواء معقوداً على الإنجاز. حينما نحتفل باليوم الوطني لقطر، فإننا نحتفل بالإنجاز، الإنجاز الذي بدأ مع بداية هذا الوطن الموغل في التاريخ، هذا الوطن الذي قام على ثنائية الاعتزاز بالماضي والتطلع للمستقبل، فنجحت وجنت ثمار حلمها الكبير، وباتت اليوم رقماً دولياً يشار إليه بالبنان. إنجازات قطر تتحدث عن نفسها، فهي ليست وليدة صدفة، أو لحظة زمنية عابرة، وإنما كانت نتيجة تخطيط ووعي واستثمار كان الإنسان محوره الرئيس، منذ أن وضع الشيخ المؤسس أولى لبنات هذه الدولة، ومنذ أن آمن بأن طريق النهضة يبدأ أولاً من نهضة الإنسان، فكان أن قرب العلماء إلى مجلسه وطبع كتبهم على نفقته الخاصة. وامتداداً لتلك السيرة العطرة، وذاك التاريخ الذي يعبق بالأصالة والمواقف الشجاعة، سارت قيادة قطر، حتى حققت النهضة في ظل سنوات قلائل، وسجلت لنفسها مكاناً بين الدول المتقدمة، وصارت مثار إعجاب العدو قبل الصديق. إن إنجازات قطر تتحدث عن نفسها، وحتى لا نكيل الثناء والمديح لوطننا، وهو أهل لذلك، سنستعين ببعض الأرقام لندلل على حجم النهضة الشاملة التي تعيشها بلادنا بقيادة حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وسمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولي العهد الأمين. فرغم الأزمة المالية التي عصفت بالعالم في السنوات القليلة الماضية، فإن اقتصاد قطر تمكن من تجاوز كل هذه التداعيات، حيث بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسنة 2011 (%14.1)، كما ازداد الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بمعدل (%36.3) مدفوعاً بالزيادات في أسعار المنتجات الهيدروكربونية. وفي ظروف تداعيات الأزمة المالية التي لا تزال تضغط على الأداء الاقتصادي في عدد من المناطق حول العالم، تجاوز أداء قطر هذه التداعيات بخطوات محسوبة وراسخة. واحتلت قطر -وفقاً لتصنيف التنافسية العالمية 2012 - المرتبة الأولى بين الدول العربية ودول الشرق الأوسط، والترتيب الحادي عشر عالمياً. ولقد زادت قطر من تخصيصاتها المالية لقطاعي التعليم والصحة في موازنة العام 2012 - 2013، لتزيد بما نسبته %114 في قطاع الصحة و%35 في قطاع التعليم، مما يعزز النهج الذي تسير عليه الدولة في اهتمامها واستثمارها بالإنسان. إن قطر تستند في رؤيتها للحاضر إلى ثوابت الماضي، وهي تتطلع بكل زهو إلى المستقبل، فهي وإن كانت تمتلك ثروة كبيرة، إلا أنها لم تدخر وسعاً في تنميتها، وسعت بكل ما أوتيت من عقلية راجحة وقيادة حكيمة في ديمومتها وصولاً إلى تنمية مستدامة، فالأجيال القادمة كانت حاضرة في تفكير وتخطيط حضرة صاحب السمو، الذي أكد في أكثر من لقاء أن الأجيال القادمة شغله الشاغل. ولأن لقطر رؤية تستند على ما سطره الشيخ المؤسس جاسم بن محمد بن ثاني، الذي كان سنداً لكل مظلوم وعوناً لكل محتاج، كانت قطر «كعبة المضيوم»، فمدت يدها لكل محتاج، وصارت اليد البيضاء، كناية عن قطر وأهلها، فما ذكر الجود والكرم، إلا وأهل قطر لهم النصيب الأوفر. ومنذ أن بدأت طلائع الشعوب العربية في ثوراتها، لم تتردد قطر كثيراً، ولم تترك للغة المصالح أن تتحدث، وإنما اختارت قطر مكانها سريعاً، لأنها مع الإنسان في كل مكان بغض النظر عن أية مصالح أخرى. اليوم، يحق لنا أن نفخر بقطر، ويحق لنا أن نلون وجه الأرض بحبنا لهذا الوطن، فنحن اليوم نلمس نهضة شاملة، أبدع فيها أهل قطر، وسطروا لوحة مجد وإنجاز صارت نبراساً وعنواناً، بل تحولت قطر إلى مثال يحتذى، ونموذج يقتدى، بفضل قيادة عرفت أن الإنسان سيبقى الاستثمار الأفضل. هنيئاً لنا بيوم الوطن، وهنيئاً لنا بعرسه الأبهى، وكل عام وقطر بألف خير.