بين يدي خبران يسبقان لقاء القمة الإسبانية بين ريال مدريد وأتلتيكو مدريد اليوم. الأول.. تصريح قائد أتلتيكو مدريد (كوكي) بأنه إذا سجل فينيسوس لاعب ريال مدريد واحتفل برقصته على الطريقة التي شاهدناها مؤخرا وأثارت غضب البعض فستكون هناك مشكلة..! والخبر الثاني أنهم في فنزويلا تبنُّوا مشروعا كرويا لإبعاد الشباب عن العنف في منطقة كانت ممرّاً للجريمة والموت.. ما يعني أهمية مواجهة العنف بالرياضة.. * والرابط بين الخبرين أن الرياضة ومنها كرة القدم هي ميدان لإشاعة التنافس الشريف وتكريس قيم المحبة في هذا الكوكب وأنها بالفعل الوجه الآخر لعملة الفن، ولذلك لم يكن كوكو موفقا في اعتراضه على رقصة مهاجم ريال مدريد البرازيلي فينيسوس وتلويحه بحدوث مشكلة مساء اليوم، فهل المشكلة التي ألمح إليها كوكو هي حدوث صدام بين اللاعبين عقب أي رقصة من فينيسوس مساء اليوم..؟ * ولقد استعرضت اللحظة الاحتفالية الراقصة ولم أجد فيها ما يثير الحنق أو يدعو لإطلاق أي وعيد.. ولذلك أقف في صف البرازيلي نيمار الذي أعلن تعاطفه مع هذا اللاعب الموهوب، المقبل على الحياة بروح حلوة ونزوع إلى تطوير نجوميته في جوانب الحياة وتفاصيل جمالياتها لدرجة أن لاعب ريال مدريد السابق سافيو بورتوليني أسدى إليه نصيحتين اختزلهما في قوله: تأقلم بسرعة مع الأجواء الباردة، واكسب الجماهير إلى صفك.. وكأنه يتنبأ بأن رقصة احتفالية معيَّنة قد تثير الغضب..! ولعل فينيسوس أراد أن يكسب مشجعي ريال مدريد فأغضب خصومه.. * الرقصة الاحتفالية كانت رقصة عادية وتذكِّر بتعبيرات حركية فرائحية لنجوم عالميين على نحو الإيحاء بأن الهدف قد تمخض فولد طفلا يستحق احتضانه والتحرك به بخطوات متعرجة.. ثم أن جانبا من كرة القدم هو رقصات وحركات.. قصات شعر، وشم.. تدحرج على أرض الملعب، وتقليعات.. لا تعد فما الذي يستدعي التلويح بمشكلة إن كرر فينيسوس جونيور رقصته عقب هدف محتمل.. * البعض اعتبر ردود الأفعال الغاضبة على الرقصة وحدوث أزمة أثناء مواجهة ريال مايوركا فاصلا من فواصل نظرة عنصرية في بعض الملاعب الأوروبية تجاه جواهر كرة القدم أصحاب البشرة السمراء، وأن الأمر أبعد من الاعتراض على رقصة لا تضر بقدر ما تعكس التنوع الثقافي وتكسر الملل. وإذا تواصلت مثل هذه المواقف السلبية فإنه التذكير بمواقف غير ودية في الملاعب تمت على أساس ليس مكانه عالم كرة القدم..! فهل مثل هذه النظرة سيئة السمعة مقصودة أم أن هدف كوكي وآخرين لم يتجاوز مسعى إرباك وتشتيت ورقة ملكية رابحة قبل مباراة ضمن الدوري الإسباني. أخشى أننا دخلنا منطقة الخيار والفقوس بتقسيم مظاهر الفرح إلى رقصة مُرحَّب بها ورقصة مجرَّمة..؟ * فينيسوس عبَّر عن فرحته فقط، ولم يسجل أي صورة من عدم الاحترام للمنافسين أو جمهورهم، ووقوف نيمار إلى صفه من بعيد هو موقف انتصار للقيم الرياضية وليس تحقيقا لأحلامه في أن يتوغل أكثر في دنيا التمثيل الذي يميل إليه..! * ولا أريد هنا الخوض في تاريخ من المواقف والنظرات غير الودية ولكن.. إذا كانت الهتافات السلبية الصادرة عن مشجعين تجاه لاعب على أساس لون بشرته هو سلوك سيئ فإن ظهور مثل هذا التصرف على لسان لاعب أو مدرب أو حكم أو إعلامي كما حدث من حكم روماني تجاه مساعد المدرب التركي قبل فترة غير بعيدة فإن السلوك يكون أسوأ بل وجريمة، تفرض مواجهتها بقوة.. * وتبقى الإشارة هنا إلى تصريح جوزيف بلاتر رئيس الفيفا الأسبق بأن التخلص من العنصرية بشكل نهائي في كرة القدم يُعَد أمراً مستحيلاً.. غير أن بروز أي شكل من أشكال العنصربة في ملاعب الرياضة إنما يعبر عن أفكار فاسدة، غارقة في البؤس والسوء والظلامية.