فصل الصيف، نسمة من الزمن الجميل وحفنة من أيام خاصة تملؤها الحياة والنشاط والرحلات التي ينتظرها معظم الناس من سنة الى أخرى، مواسم عديدة للنشاطات والسفر، فترات مُتنوعة من الانتقال والاستكشاف والمغامرات، عالم كامل من الاحلام والاماني الجميلة، فصل من فصول الحياة الأخرى التي يعيشها الناس جميعا كل حسب أحلامه، فشهور الصيف بالنسبة للمغترب تعني الوطن، وهذه الشهور نفسها بالنسبة للأولاد تعني انتهاء الدراسة والتعليم ولو مؤقتا لتعلن عن بداية حقبة جميلة من الراحة واللعب والتسلية، وهي نفسها أيضا بالنسبة للمزارعين موسم جديد لحصاد موسم زراعي ملئ بالفواكه والخضار ينتهي عبرها عام طويل من الزراعة والعمل الشاق، كثير وكثير من الصور وعديد من الحالات والتحوُلات التي تبدأ كلها وتتفتح براعمها مع حرارة فصل اللعب والسرور، اعمال جديدة ورحلات طويلة يقوم بها الناس من كل بقاع الدنيا فيحركون الاقتصاد ويرفعون أسعار تذاكر السفر والإقامة في الفنادق بل وحتى أسعار الغذاء والطعام، تجمعات بشرِيّة يُرافِقها خدمات كاملة من ترفيه واستجمام الى سفر وسياحة، من غذاء ومأكولات الى سهرات وحفلات وبرامج فنِّية تزيد من صخب الصيف وترفع من مستوى الأنشطة والتحركات، شركات ومؤسسات مُوسمية تفتح اعمالها مؤقتا لخدمة السائحين القادمين الى الدُول بغض النظر عن مُدة اقامتهِم بل وحتى عن ظروفهَم الخاصة، وهنا يأتي السؤال المهم، فما هي صناعة السياحة والسفر؟ وما هي أهميتها؟ وما هي أهم أنواع السياحة؟ وما هو تأثيرها على الاقتصاد؟ وكيف يستطيع المرء العمل والاستجمام ضمن ظروف الحياة اليومية؟ أولا وقبل كل شيء فإنه من المهم جدا معرفة ان السفر بِمعناه العام هو الانتقال من مكان الى آخر أما السياحة فهي تعني السفر بهدف الترفيه أو التطبيب أو الاكتشاف، حيث تشمل عملية السياحة توفير الخدمات الكاملة المُتعلقة بالسفر، فالسائح وحسب تعريف منظمة السياحة العالمية (التابعة لهيئة الأمم المتحدة) هو ذلك الشخص الذي يقوم بالانتقال لغرض السياحة لمسافة ثمانين كيلو مترا على الأقل من منزله، وهنا من المهم معرفة ان اهم أنواع السياحة هي كل من السياحة العلاجية وهي السفر بهدف العلاج والاستجمام في المنتجعات الصحية في مختلف بقاع العالم كما في الهند على سبيل المثال يليها السياحة البيئية وهي السفر بهدف زيارة الأماكن الطبيعية الشهيرة والمحميات الطبيعية في العالم مثل المحميات الطبيعية وحدائق الحيوان المفتوحة والجميلة في قارة أفريقيا الرائعة، اما السياحة البحرية والتي هي عبارة عن نوع السياحة المُنتشِرة بشكل كبير في الدول والأماكن التي تحتوي على بحيرات ومُسطحات مائية، حيث يذهب اليها الناس للتمتع بالأنشطة والمسابقات البحيرة مثل شرم الشيخة والإسكندرية، وبالحديث عن سياحة الاعمال والمؤتمرات فهي عبارة عن تلك الأنشطة السياحية المُتعلِقة بالعمل أو المُصاحبة لحضور المُؤتمرات العالمية والتي غالبا ما تكون أهدافها عِلمية وتثقيفية وعملِيّة وغالبا ما تكون مُنظّمة من قِبل مؤسسات وجِهات علمية وأكاديمية، وهنا يأتي دور الحديث عن سياحة التسوق وهي القيام بعملية السفر من أجل التسوق في الدول التي تتميز بوفرة في مجمعات الشراء وجودة الأسعار وتوافر كل ما هو جديد من منتجات وسلع وخدمات، فهي سياحة خاصة يكون الهدف منها هو المرور بتجربة تسويقية جديدة يحصل فيها السائح على كثير من الخيارات التسويقية والشرائية، ومن أهم المُدن التي تتم بها هذه السياحة هي كل من لندن وباريس وميلانو وفرانكفورت وغيرها من مواقع التسوق الشهيرة حول العالم، وبالانتقال الى السياحة الرياضية بأنواعها فهي عبارة عن السياحة بهدف مُمارسة النشاطات والاعمال الرياضية والتي غالبا ما تتم لدول تقوم بتنظيم احداث وفعاليات رياضية خاصة، ولنا في قطر وكأس العالم خير مثال على ذلك، اما السياحة الترفيهية فهي عبارة عن السفر إلى الأماكن السياحية الكثيرة على مستوى العالم بهدف تغيير الجو وبالتالي التعرف على حضارات وثقافات جديدة، وأخيرا وليس آخرا فهناك السياحة الدينية وهي عبارة عن السفر بهدف زيارة الأماكن الدينية المقدسة بالنسبة للأديان مثل مكة والمدينة والقدس وبيت لحم والفاتيكان والأديرة المختلفة مصر ولبنان، كل هذه الأنواع وكل هذا التنوُّع يقودنا الى النقطة التالية وهي الحديث عن أهمية السياحة وتأثيرها على الاقتصاد، فالسياحة هي واحدة من أكبر الصناعات في العالم، حيث انها تُساهم بقسم كبير وضخم من إيرادات الاقتصاد العالمي، فهي و تِبعا لبعض الدراسات تدعم موارد الرزق لشخص واحد تقريبا من بين كل عشرة أشخاص في جميع أنحاء العالم، سواء كان ذلك في الدول النامية أو المُتقدمة على السواء، فالسياحة تُعتبر محركا للنمو الاقتصادي ومسارا حقيقيا لتحسين ثروات الناس والمجتمعات المحلية التي قد تسعى جاهدة من دونها لتحقيق النمو والرخاء، ولا نغفل أيضا عن ما تساعد فيه السياحة من دعم الدول عبر كونها مصدرا أساسيا وهاما للنقد الأجنبي وهو ما يدعم الاستقرار الاقتصادي والنقدي في بعض الدول، ولنا في لبنان خير مثال على ذلك. واخيرا وليس آخرا فإنه وبرأيي الشخصي فإن السياحة والسفر هي روافد أساسية وهامة للقطاعات الاقتصادية والمالية في كثير من الدول عبر كونها مصدرا هاما للحصول على النقد الاجنبي، كذلك فإن انتقال الأشخاص والمسافرين هو عامل مهم لتبادل الخبرات والثقافات ومن ثم انتقال الأفكار الإنسانية والعلمية وحتى التشغيلية منها، فالسفر هو وسيلة للعمل والترفيه وهو أيضا طريقة لطلب العلم والمعرفة، وهنا أستذكر مقولة " سليمان العيسى" الذي يقول " اضرب في أرجاء الدنيا سافر حيث شئت، سترى أشياء كثيرةٌ في العالم تغنيك، تفتح أمامك آفاقًا لم تكن تخطر لك على بال كل هذا يجددك ".