بوتين وإصلاح الاقتصاد الروسي

إن إظهار عدم احترام صريح للحكومة الروسية من الممكن أن يزج بك إلى السجن، بمقتضى قانون جديد مرره المجلس التشريعي في روسيا المعروف بـ «الدوما». ولجأت الحكومة الروسية إلى إظهار مخالبها للجميع من منطلق مخاوفها المتزايدة من ميل الروس وبصورة متزايدة إلى انتقاد الدلة أو الخروج في مظاهرات احتجاجية على تردي الأوضاع الاقتصادية أو حتى على تقييد الحريات، من بين أمور أخرى سلبية تعج بها روسيا. والدعم العام الذي يلقاه الكريملين وأيضا بوتين قد تراجع في الشهور الأخيرة، فشعبية الحكومة الروسية قد قد ارتفعت لأعلى مستوياتها في أعقاب ضم موسكو لشبه جزيرة القرم في العام 2014، لتقفز شعبية الرئيس الروسي إلى 80% تقريبا، وظلت هكذا قرابة 5 سنوات. ومع ذلك فإن هذا السحر السياسي لم يُقدر له البقاء لفترة طويلة. فعلى مدار الشهور الستة الماضية، هوت شعبية فلاديمير بوتين لأدنى مستوياتها على الإطلاق. وبالفعل فقد أظهرت دراسة مسحية حديثة أجرتها مؤسسة «لافادا سنتر»، منظمة روسية مستقبلة متخصصة في إجراء استطلاعات الرأي والاستقصاءات، أن 64% من الروس مستمرون في الموافقة على الأداء الوظيفي لبوتين في منصب الرئاسية. ومع ذلك فإن العدد الأقل منذ العام 2013، حينما عاد بوتين إلى الرئاسة وسط احتجاجات مناوئة للنظام. والمواطنون الروس يشعرون بشيء من الكآبة والإحباط من المشهد السياسي وذلك بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية في بلادهم، والتي تؤثر بالطبع على أوضاعهم المعيشية اليومية. وروسيا مرت بأوضاع اقتصادية بائسة خلال الأعوام الخمسة الماضية. ففي العام 2014 وقعت هزتان خارجيتان للاقتصاد الروسي، الأولى تمثلت في انهيار أسعار النفط، وانخفض من أعلى من 100 دولار للبرميل في العام 2014 إلى 30 دولارا للبرميل في أوائل العام 2016، وهو ما قاد إلى انخفاض إيرادات موسكو المتحققة من الخام، علما بأن النفط يعد أكبر مصدر للصادرات في روسيا. والثانية تمثلت في أن الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا فرضتا معا عقوبات مالية غليظة أجبرت معها الشركات الروسية على خفض الاستثمار ورفع تكاليف الاقتراض في الاقتصاد الروسي. ومع هبوط العملة الروسية «الروبل»، تراجعت وتيرة الاستثمارات ومستويات الاستهلاك في البلاد، ما أثر فعليا بالسلب على الإنفاق الأسري. في غضون ذلك ألقى القادة الروس، بشيء من التبرير، باللائمة في وقوف الأوضاع الاقتصادية على شفا الانهيار على الركود الاقتصادي. وروسيا لا تمتلك السيطرة على أسعار النفط، والتي يحددها بالفعل السوق العالمي. والعقوبات المفروضة على روسيا كانت نتاج المواجهة مع الغرب، وإذا ما وافقت أنت على ضم روسيا لشبه جزيرة القرم - كما فعل معظم الروس - فإنك إذن لا يمكنك إلقاء اللائمة على بوتين في العقوبات المفروضة على موسكو. والقيود المالية الغربية كانت تكلفة قيام موسكو بإعادة تأكيد وضعها على الساحة العالمية.