الابتكار المالي في البنوك الإسلامية يعد من الموضوعات التي تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتحليل، وذلك نظراً لارتباطه بشكل مباشر باستمرارية وتطور البنوك الإسلامية وإثبات وجودها كمنظومة مصرفية مستقلة تماماً عن المنظومة التقليدية، هذا من جهة. ومن جهة أخرى، فإن الصناعة المصرفية الإسلامية في أمسِّ الحاجة لتطوير منتجاتها المالية لغرض تنويع مصادر الربحية لديها، ولمواكبة التطور التكنولوجي والتنوع في الأدوات المالية للبنوك التقليدية، وكذلك تلبية النمو المتزايد على الخدمات المالية الإسلامية عالمياً، وهذا ما يحتم على القائمين عليها تصميم نموذج لهندسة مالية وفق رؤية مصرفية إسلامية، مع ضرورة استبعاد كل المنتجات المالية الإسلامية التي يشوبها الكثير من اللبس حول مدى موافقتها لتعاليم الشريعة الإسلامية. وتشهد الصناعة المصرفية الإسلامية نموًا سريعاً، إذ يبلغ عدد المصارف الإسلامية في العالم نحو 500 مصرف موزعة على 75 دولة، فيما بلغ عدد المصارف التقليدية المقدمة لمنتجات مصرفية إسلامية 335 بنكاً، ويقدر حجم الصناعة المصرفية الإسلامية خلال عام 2015 أكثر من 2.8 تريليون دولار. وتحتضن قطر وإندونيسيا والسعودية وماليزيا والإمارات 17 من أصل 20 مصرفاً إسلامياً، بالإضافة إلى الهيئات التي تضع معايير المصرفية الإسلامية العالمية، وتمتلك تلك الدول أكبر تجمع لرأس المال المادي والفكري في القطاع، والذي سيدفع المرحلة المقبلة من التنمية في الأسواق الحالية والجديدة. ويقصد بالابتكار المالي أو ما يسمى بالهندسة المالية، «مجموعة الأنشطة التي تتضمن عمليات التصميم والتطوير والتنفيذ لكل من الأدوات والعمليات المالية المبتكرة، بالإضافة إلى صياغة حلول إبداعية لمشاكل التمويل وكل ذلك في إطار توجيهات الشرع الإسلامي الحنيف». وهذا التعريف يشير إلى أن الابتكار المالي يتضمن العناصر التالية: - ابتكار أدوات مالية جديدة. - ابتكار آليات تمويلية جديدة. - ابتكار حلول جديدة للإدارة التمويلية، مثل إدارة السيولة أو الديون أو إعداد صيغ تمويلية لمشاريع معينة تلائم الظروف المحيطة بالمشروع. ويستمد الابتكار المالي للمصارف الإسلامية أهميته من التحديات التي تواجهها البنوك الإسلامية والطلب المتزايد على خدماتها، لذا كان لزاما عليها ابتكار وتطوير أساليب وصيغ تمويلية لمواكبة هذه التحديات، وتكمن الأهمية في النقاط التالية: - تنويع مصادر الربحية للمؤسسة المالية. - ابتكار منتجات مصرفية إسلامية جديدة تدعم استقطاب الودائع وتزيد من القدرات التمويلية. - درء للمخاطر واللايقين المحيط بالأنشطة الاستثمارية بتنويع صيغه وقطاعاته. - تجنب تقادم المنتجات الحالية للمحافظة على النمو، وكما هو معلوم أن لكل منتج دورة حياة وفي مرحلة تشبع السوق يتوقف الطلب على المنتج ويستقر عند أدنى مستوياته. - التعامل مع قيود المنافسة الدولية ودعم المركز التنافسي للمؤسسة المالية في السوق. mostafa.economy@gmail.com