أسواق الفقراء بين الإتاوة والمصادرة

توفر الأسواق الشعبية عادة الإحتياجات المتنوعة للفقراء من السلع الأقل سعرا، وبالتطبيق على الحالة المصرية التى أعلنت حكومتها بلوغ نسبة الفقر 32.5 % من السكان البالغ عددهم مائة مليون نسمة، فهناك أكثر من ثلاثين مليون فقير، بل إن أكثر من نصف السكان فقراء حسب تقارير محلية وخارجية.  ومن هنا نجد بجوار غالبية محلات بيع الخضر والفاكهة، مكانا خلفيا يتم به بيع الخضر والفاكهة المعطوبة بأسعار تتناسب مع دخول هؤلاء الفقراء، ولدى غالبية بائعى اللحوم والأسماك والدواجن مكان أو وعاء، يجمعون به بواقى عمليات تقطيع اللحوم والأسماك والدواجن لبيعها للفقراء بأسعار متدنية.  وفيما يخص الملابس فهناك أسواق شعبية منها منطقة وكالة البلح ببولاق أبو العلا والعتبة لبيع الملابس والأحذية التى بها عيوب بأسعار أقل، الى جانب الملابس المستعملة المستوردة المسماة بملابس البالة، حيث يتم إستيرادها على شكل بالات.  وبوكالة البلح أقسام أخرى متنوعة مثل مستلزمات تجهيز العرائس الفقيرات، ومستلزمات الدراجات العادية سواء أجزاء مستعملة منها أو دراجات كاملة مستعملة، وأجزاء السيارات المستعملة وغير ذلك.  وبمنطقة العتبة بوسط القاهرة يوجد أكثر من سوق متخصص للفقراء، منها سوق لبيع منتجات الألبان والمخللات وغيرها من أصناف الغذاء بأسعار متدنية، مما يثير الشك فى إضافة مواد غير صحية لها.  واتسع الأمر لوجود أسواق مخصصة لهؤلاء الفقراء لتوفير العديد من السلع، مثل سوق المنيب بالجيزة وأم بيومى بشبرا الخيمة، وبالقاهرة المطرية والسيدة عائشة الذى تمتد مساحته لمسافات كبيرة، نظرا لإحتوائه على مئات السلع بحيث يجد كل من يبحث عن سلعة مستعملة طلبه أيا كان نوعها.  ففى مجال الأثاث المنزلى تتنوع المعروضات من الكراسى العادية والمطابخ البسيطة الى حجرات الصالون الشعبية ومن قطع الأثاث المنفردة مثل الدواليب الى حجرات النوم المكتملة، وكافة السلع المنزلية المستعملة من دفايات وسخانات وبوتوجازات وتلفزيونات وغيرها.  وأصبحت محال وأسواق الفقراء تؤدى دورا مزدوجا، فهى توفر فرص عمل لمئات الآلاف من الصبية والشابات والشباب والرجال والنساء، وبنفس الوقت توفر احتياجات الفقراء المعيشية.  ومع غياب دور الأجهزة الرقابية لحماية صحة الفقراء من استعمال تلك الأغذية التى تم تصنيعها بأماكن غير مناسبة، وإضافة مكونات ضارة إليها، واستخدام الملابس المستعملة التى تصيب بالأمراض الجلدية، وغير ذلك من الإستخدمات الضارة بالصحة.  فإن الكثير من العاملين بالبلديات والأجهزة الحكومية يفرضون الإتاوات على الباعة للسماح لهم بالتواجد فى أماكنهم، بداية من عربات بيع السندوتشات لباعة الملابس والأحذية، بل يصل الأمر كثيرا الى مصادرة البضائع، وكذلك العربات اليدوية التى يم عرض البضائع عليها وعدم الإفراج عنها إلا بعد دفع غرامات. مع تكرار الوعود الرسمية بإيجاد أسواق لهؤلاء الباعة بالمحافظات دون تنفيذ، حيث لا توجد كيانات بينهم تدافع عن مصالحهم، ومنهم سائقو عربات التوك توك التى حلت مشكلة المواصلات بالقرى والأحياء الشعبية بالمحافظات، وأتاحت فرص عمل لحوالى خمسة ملايين شخص، الذين تتم مصادرة عرباتهم بحجة إستبدالها بسيارات الفان رغم عدم توافر تلك السيارات البديلة بعد.  ومع حصول البعض منهم على قروض متناهية الصغر من خلال الجمعيات الأهلية تصل الفائدة الى 38 % وأكثر، ومازال هؤلاء ينتظرون خدمات صحية وتأمينية ذات رسوم بسيطة تتناسب مع دخولهم.