من الجميل أن تقف على قصص أولئك الذين يتشبثون بالحياة بكل ما يستطيعون على الرغم من أن الحياة لم تعطهم الكثير، مثل المرضى الذين لم يستسلموا لمرضهم وذوي الاحتياجات الخاصة الذين جعلوا من المستحيل واقعا ومن الصعب اُسلوب حياة ومن المحنة ابا للرحمة، فعملوا وأبدعوا وناضلوا واستغلوا كل لحظة من حياتهم على الرغم من علمهم أنها لن تكون طويلة، فأقاموا الحجة على الجميع فلا يقولن أحد إنه لايقوى على العيش. لقد أثارني شاب طموح مصاب بعجز يبلغ أكثر من ثلاثة أرباع جسمه وليس به إلا يد واحدة تعمل، استغلها وعمل على الكمبيوتر في قطاع المبيعات والوساطات عبر شبكة الإنترنت وكان يحقق اليسير من الدخل، فكان ضيفي في برنامج تلفزيوني تحدث عن عمله وعن الصعوبات التي يواجهها وكان يختم معظم جمله بعبارة الحمد لله، كنت أسمع له وكأنه يقول إنه يعلم أن أيامه معدودة لذلك قرر ألا يفوت شيئاً منها دون إنجاز، وفِي الأمس توفي ذلك الشاب العشريني متأثراً بمرضه بعد صراع دام عشر سنوات مع المرض، لم يثنه ذلك عن الجد والعمل والمثابرة ودائما يقول الحمد لله، رحمه الله وأحسن مثواه.
تلك هي الإرادة سيدة الحياة، هي من تصنع الظروف التي يشكو منها الكثير، فكم من شاب صحيح لا يشكو من علة إلا أنه يجلس عاطلا عن العمل ليس لشيء ولكنه لم يجد مشغلا متاحا له، لكل من يشكو البطالة وقلة العمل تذكر هذا الشاب وقارنه في نفسك، ليس هناك مبرر لعدم العمل بغض النظر عن طبيعة الدولة، غنية أو فقيرة، رأس مالية أو اشتراكية ، فيمكن لأي إنسان ان يبدأ عمله الخاص بقوت يومه، فإذا كان في دولة زراعية اشترى من المزارع وباع في سوق الخضار بهامش بسيط أو حتى عمل على تحويل بعض المنتجات إلى منتجات شبه مصنعة أو معدة ل استخدام خصوصا البقوليات وغيرها، وإذا كان في دولة صناعية عمل في مجال بيع التجزئة الفردية للمستخدم النهائي، وإذا كان في دولة علم عمل في مجال المعرفة وتقنية المعلومات من خلال تسويق المنتجات عبر الإنترنت أو تقديم الخدمات مثل الترجمة أو التصميم أو المواقع وغيرها من الخدمات، المهم ألا يأتي أحد صحيح سليم لا علة فيه ويقول: أنا لا أعمل لأني لم أجد عملا، أنت لم تعمل لأنك لم ترد ذلك. رحم الله ذلك الفتى الذي أعطاني درسا في فهم قيمة الوقت، فهو لا يخزن ولا يؤجل فإما أن تستغله الآن وإما أن يذهب إلى الأبد دون عودة، وإلى لقاء من الدوحة هذه تحية.