هل يمكن لأي عملة أن تحل مكان الدولار كنقد عالمي أول؟ لما لا؟ تشير الوقائع الى صعوبة حصول ذلك في المدى القريب لأن البدائل الجدية ليست متوافرة. 40% من التبادل التجاري والمالي العالمي يحصل بالدولار الأمريكي مقابل 3% باليوان الصيني. الصين ليست جاهزة مؤسساتيا وسياسيا وقانونيا وثقافيا لمواجهة الدولار. هم الصين حاليا انهاء مرحلة الكورونا بعد ان بينت الوقائع فشل السياسة السابقة وضرورة الانتقال الى أخرى، أي التلقيح للجميع وربما فرضه على المسنين أي 60 سنة وما فوق. فقط 40% من المسنين الصينيين ملقحون ضد الكورونا مقارنة ب 100% في الولايات المتحدة ومعظم دول الغرب. عزل مدينتي شنغهاي وشنزين لوقت غير قصير لم يعط النتائج المتوخاة وهنالك رفض من الحكومة الصينية بالاعتراف بالواقع. فتح المدينتين وغيرهما بالاضافة الى نشر الاحصائيات الحقيقية هي أكثر من ضرورية لمعالجة الأوضاع داخل الصين وبالتالي الحفاظ على الاقتصاد الصيني كمحرك أساسي للاقتصاد العالمي. تبين أن "الأوميكرون" لم يكن مؤذيا عالميا ليس لأنه أقل سوأ، بل لأن المجتمع الدولي ملقح أكثر من أي وقت مضى وهذا ليس حال الصين. أما اليورو فيعاني من مشكلتين أولهما انقسام أسواق رؤوس الأموال الداخلية الى وطنية صغيرة نسبيا وبالتالي مشرذمة، وثانيا غياب التجانس بين السياسات المالية المختلفة التي تبقى وطنية بامتياز. تعاني أوروبا اليوم من ارتفاع خطير في حدة الشعور الوطني المتطرف، مما يمكن أن يؤخر أوروبا كثيرا ويعيدها عقودا الى الوراء. الانتخابات الوطنية المتنوعة تشير الى مشاكل محتملة تؤثر على صحة الاندماج الداخلي بين العرقيات والديانات المختلفة. أما الأسواق المالية الأمريكية فما زالت الأقوى والأهم والأكثر شفافية وفعالية في العالم من دون منازع. فكيف يمكن لأي دولة منافسة أسواق نيويورك وشيكاغو ولوس أنجلس وغيرها؟ هذا يتطلب سياسات ووقتا وجهودا متواصلة. أما الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية فارتفعت 77% أي وصلت الى 1,65 ألف مليار دولار في 2021. لكن الاستثمارات في الولايات المتحدة ارتفعت 114% الى 323 مليار دولار مما يشير الى استمرار الثقة العالمية في الاقتصاد الأميركي. هنالك حاجة أسيوية لبقاء الولايات المتحدة وبالتالي سلاحها الأول قويا. تحتاج أسيا الى قوة الولايات المتحدة لضمان الحدود بين الدول مثلا بين الكوريتين وبين الصين وتايوان الصينية كما بين اليابان والصين أو بين اليابان وفيتنام وغيرها من النزاعات القديمة التي يمكن أن تتجدد. أسيا القوية ماليا واقتصاديا ونقديا ترغب بالحفاظ على الولايات المتحدة كقوة ضامنة للاستقرار. 2023 لا تدعو الى الارتياح بسبب أوضاع البورصات والأسواق التجارية والمالية كما بسبب الحرب الأوكرانية والتحديات المرتبطة بالصين. يصاب الاقتصاد العالمي بالتضخم عبر ارتفاع أسعار المحروقات والسلع الغذائية، وهنالك مخاطر أمنية متزايدة تنتج عن الحرب الأوكرانية. نضيف أن سياسة رفع الفوائد من قبل المصرف المركزي الأميركي وان تكن ضرورية ضد التضخم فهي ترفع تكلفة الاقتراض وتؤثر سلبا على النمو.