الاقتصاد في مناهج وزارة التعليم

يؤكد آدم سميث مؤسس الفكر الليبرالي في الاقتصاد على أهمية التعليم ونادى بضرورة الاهتمام به كعنصر أساسي لتحقيق التنمية. ونحن في دولة قطر نسعى لتحقيق التنمية أيضا عن طريق التعليم، فقد نص الدستور الدائم لدولة قطر على أن: «التعليم دعامة أساسية من دعائم تقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه، وتسعى لنشره وتعميمه».  وفي السياق ذاته نصت وثيقة رؤية قطر 2013 على أن الدولة تهدف إلى: «بناء نظام تعليمي يواكب المعايير العالمية العصرية، ويوازي أفضل النظم التعليمية في العالم، ويتيح هذا النظام الفرص للمواطنين لتطوير قدراتهم، ويوفر لهم أفضل تدريب ليتمكنوا من النجاح في عالم متغير تتزايد متطلباته العلمية. كما يشجع هذا النظام التفكير التحليلي والنقدي، وينمي القدرة على الإبداع والابتكار، ويؤكد على تعزيز التماسك الاجتماعي واحترام قيم المجتمع القطري وتراثه». فهل تعليمنا يوافق هدف حكومتنا؟!  من الملاحظ أن لدينا فجوة حقيقية بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، وضعف الطلبة في التفكير العلمي والعملي وعدم امتلاكهم المهارات المختلفة في الرياضيات أو اللغة الإنجليزية عند الانتهاء من الثانوية العامة، بل أبسطها أنهم لا يعرفون كتابة السيرة الذاتية!، وأكبر فجوة هي عدم وجود دراسات تُقيم التعليم السابق عن الحالي أو تُقيم التعليم الحالي للارتقاء به، أو حتى دراسة تشرح سبب عدم مواصلة كثير من الطلاب للتعليم الجامعي. فكيف ستتحق التنمية بالتعليم دون دراسات ترتقي به من أجل النفع العام؟ وكيف ستتحق التنمية بالتعليم دون الاهتمام بالتربية وخصوصا التربية الاقتصادية؟!  وحتى تتحقق التنمية بالتعليم بعد الاهتمام بالمقررات وتطويرها لتأتي بالهدف منها، لابد من الاهتمام بالجوانب الاقتصادية في التربية التعليمية. فالتربية تعني تشكيل الإنسان إيمانيا وخلقيا ونفسيا وسلوكيا في إطار منظومة من المعارف والخبرات ليكون فرداً صالحا لأداء عمل نافع منتج لتحقيق مقاصد وغايات معينة وإعداده ليكون قادرا على تحمل المسؤولية في حياته العلمية والعملية. لذا أقترح على وزارة التعليم والتعليم العالي ومن أجل تحقيق رؤية قطر في التعليم وبالتالي الوصول للتنمية الحقيقية، إدراج مقرر بمنهج متكامل في التربية الاقتصادية ضمن المناهج التعليمية تكون مادة قائمة بذاتها أو ضمن مادة التربية الإسلامية وحسب مستوى المراحل التعليمية المختلفة، يُكتب بطريقة سهلة ومحببة للطلبة، لتُزرع فيهم القيم الدينية والأخلاقية والتي ستظهر بعد ذلك جليا في سلوكياتهم، مع عمل ورش عمل لتوضيح الفكرة منه، كالتدريب على الشراء والادخار والتوعية بأهمية عدم الإسراف، وعدم إهدار المال بالصرف العشوائي وترشيد استهلاك الكهرباء والماء وإطفاء الإضاءة عند الخروج، واستهلاك الأدوات المدرسية، وعلاقة الطالب بالمقصف...إلخ. وعليه ستكون هناك سلسلة من المحاضرات التثقيفية وورش العمل للمعلمين والمعلمات، ثم تبدأ مرحلة توعية المدارس لأولياء الأمور بعمل محاضرات وورش عمل في كيفية تنمية ثقافة الاقتصاد في حياة أطفالهم عن طريق الحوار الهادئ، وتوفير حصالة للطفل، مشاركة الطفل في كتابة خطة الإنفاق الشهرية، تعليمه كيفية استغلال التخفيضات عند الشراء، مراجعة الفواتير، إعطائه الثقة لإقامة حفلة صغيرة ثم توجيهه أو مكافأته إن أحسن، وتشجيعه على الادخار دون بخل، حثه على التبرع وإرشاده لجوانبه الإيجابية وهكذا سيكتمل العمل. همسة: إن حكومتنا الرشيدة سباقة لكل ما فيه تقدم لمجتمعنا القطري، فلماذا الفقر التربوي الواضح في مناهجنا الدراسية؟، إن المجتمع في حاجة لدراسة أبنائه التربية الاقتصادية ليعلم باحتياجات سوق العمل، وكيف يسوق لأفكاره، وكيف يفاوض، وكيف يؤسس مشروعا. نحن لا نريد إصلاحات تعليمية فاشلة ومناهج تلقينية، لن يستفيد منها أبناؤنا في حياتهم المستقبلية بقدر ما نحتاج لتعليم ينفعهم ويخدم وطنهم مستقبلا. فهل آن الأوان لنغير تعليمنا الممل من أجل قطر؟