وسط تفاؤل مجتمعي ينمو باستمرار، وتجدد للآمال وارتفاع لسقف الطموحات والتطلعات، التي تغذيها سياسات وقرارات وتحولات تسعى جاهدة إلى حلحلة ومعالجة ملفات وطنية هامة، اقتصادية منها واجتماعية، تضخمت بشكل مقلق خلال السنوات العشر الماضية خاصة، ساهم في نموها جملة من الأسباب الداخلية والخارجية التي تناولناها بالتفصيل في مقالات سابقة من أبرزها انخفاضات أسعار النفط المتتابعة في الأسواق العالمية، وجائحة كورونا مؤخرا، وإخفاقات في التخطيط قادت إلى ارتفاع بنود الإنفاق مع استمرار الاعتماد على النفط كمورد أساسي لتنفيذ الخطط الخمسية والموازنات السنوية، والاعتماد في تمويل جزء مهم من العجوزات السنوية على القروض التي باتت تهدد مستقبل الاقتصاد العماني باستمرار تراجع تصنيفه عالميا، وارتفاع نسبة الباحثين عن عمل من العمانيين والمسرحين الذين تضاعف عددهم نظرا لانعكاسات جائحة كورونا على السوق الداخلي الذي تراجعت أنشطته ومبيعاته بشكل واضح، وأخيرا ارتفاع أعباء المعيشة على الشرائح من ذوي الدخل المتوسط والمحدود. وتسعى "خطة التوازن المالي المتوسط ٢٠٢٠ - ٢٠٢٤م" التي أعلنت وزارة المالية يوم الأحد الأول من نوفمبر عن تفاصيلها في موقعها الرسمي وعبر وسائل الاعلام، إلى: أولا: دعم النمو الاقتصادي، عبر تحسين بيئة الأعمال، وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي. ثانيا: تنشيط وتنويع مصادر الإيرادات من خلال:١- تعزيز عوائد الاستثمارات الحكومية.٢- تعزيز إدارة الضرائب والتحصيل الضريبي.٣ - تطبيق ضريبة القيمة المضافة.٤- ضريبة الدخل على أصحاب الدخل المرتفع. ثالثا: ترشيد ورفع كفاءة الإنفاق الحكومي عن طريق١- الشراء الاستراتيجي الحكومي الموحد.٢- رفع كفاءة الانفاق الإنمائي.٣- مراجعة المصاريف التشغيلية وضبط الانفاق. ٤- إعادة توجيه دعم الخدمات العامة. رابعا: تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية، وفق آليات سوف يعلن عنها بالتزامن مع تطبيق الخطة.أخيرا: رفع كفاءة الإدارة المالية، هذا ومن المتوقع أن ينعكس تنفيذ خطة التوازن المالي إيجابا على انخفاض نسبة الدين العام من الناتج المحلي، ليصل إلى ٨٠% من الناتج المحلي في عام ٢٠٢٤، وإلى ٦٠% في عام ٢٠٤٠، في حين أن المتوقع أن يصل إلى ١٢٨% في ٢٠٢٤ إذا تعثر تنفيذ الخطة. الملفت للانتباه والمعزز للتفاؤل أن الخطة قدمت معالجات تحفيزية شاملة لتنشيط القطاعات الاقتصادية، مثالا "إعفاء ١٠٠ دولة من التأشيرة لدخول أراضي السلطنة"، تخفيض رسوم التصرفات العقارية من ٥% إلى ٣%. ومراجعة الرسوم الحكومية. وتعزيز موارد الدولة. وضبط الانفاق. وحماية فئات المجتمع ذات الدخول المحدودة من آثار الضرائب ورفع الدعم وارتفاع أسعار السلع. ومن جانب آخر فإن القارئ لتفاصيل الخطة وأهدافها وآليات عملها، يدرك دون شك التحديات التي قد تواجهها، فنجاح تنفيذها يعتمد على دعامات عدة من أبرزها منحنى أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال المرحلة القادمة فتحسن الأسعار أو استقرارها على أقل تقدير يسهم أكثر في تسريع نجاح الخطة، كما أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الدخل على أصحاب الدخل المرتفع ورفع الدعم عن الكهرباء والماء قد ينعكس سلبا على أهداف أخرى كالنمو المرجو للقطاعات الاقتصادية ونشاط الأسواق وزيادة الاستثمارات، وسوف يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع وتراجع القوة الشرائية ما يضيف أعباء أخرى على أصحاب الدخول الضعيفة، وبالإضافة إلى ما تم ذكره فالخطة تنقصها آليات عمل دقيقة وبرامج تفصيلية وضوابط ملزمة تشكل الضمانة الحقيقية لتحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات والالتزام الصارم بالخطوات والمراحل التنفيذية ومراقبة الإيرادات الضريبية.
