الإنفاق السياحي الأهم

تسعى الدول العربية لاستقطاب المزيد من السياح سعيا نحو الإيرادات السياحية متنوعة الأشكال، بداية من القدوم على طائرات الشركات الوطنية، والإقامة بالمنشآت الفندقية والمشتريات من السلع المحلية. والإنفاق على الترفيه والرياضات المائية، إلا أنه في ضوء الاضطرابات الأمنية بعدد من الدول العربية، يقف عامل فقدان الأمان حاجزا أمام حضور السياح، ولهذا ظهرت أشكال من خفض أسعار الإقامة ودعم نفقات الطيران والإعفاء من رسوم الدخول والخروج وغيرها من الحوافز سواء للسائح أو للطيران. وقد يبدو للبعض أن الأمر لا يتطلب سوى الاطلاع على خريطة الدول الأعلى بالإنفاق السياحي والتركيز عليها، ففي العام الماضي كانت الصين هي الأعلى بإنفاق 292 مليار دولار لسياحها، تليها الولايات المتحدة بنحو 113 مليارا وألمانيا 78 مليارا وإنجلترا 63 مليارا وفرنسا 38 مليار دولار. إلا أن المسألة ليست بهذه البساطة، فهناك تنوع في أنماط السياحة، حيث يفضل كثيرون الرياضات المائية أوالسياحة الثقافية والدينية وسياحة المشتريات. ولهذا يجب توافر مقومات جذب تلك النوعيات، فما يتوفر في دبي من أسعار سلع لم يتم فرض جمارك عليها، يصعب تكراره، وما توفره بعض المناطق من أمور لا تتفق مع قيم المنطقة العربية لا يمكن تكراره بغيرها، بل إن السياحة الدينية الإيرانية والتي يتم الترحيب بها بالعراق وسوريا لا تجد نفس الترحيب بمصر. ومعدل إنفاق السائح هو الأهم من عدد السياح المطلوب جذبهم، فمتوسط إنفاق السائح الأسترالي بالعام الماضي بلغ 978 دولارا، والبريطاني 972 دولارا والألماني 946 دولارا والكندي 820 دولارا. كما بلغ 3895 دولارا للسائح من سنغافورة، و3207 من هونج كونج والنرويج 3034 دولارا وسويسرا 1970 دولارا. وحين لاحظت كوريا الجنوبية أن غالب إنفاق السائح يكون بالأيام الثلاثة الأولى لوصوله، لم تكن حريصة على بقائه أكثر من الأيام الثلاثة حتى تتيح المجال بالطيران والإقامة والمزارات السياحية لغيره. ولا يعتبر عامل الإنفاق السياحي هو العامل الوحيد، فما يتم السماح به للسائح في بيروت والدار البيضاء من سلوكيات قد لا تسمح به عواصم أخرى، وآلاف السياح الصوماليين والإثيوبيين بمصر لا يضيفون للدخل السياحي بقدر ما يتحقق من عشرات من الخليجيين. وغالب السياحة القادمة لمصر من الشرائح متوسطة الدخل ولهذا تستخدم المواصلات العامة المدعمة، إلى جانب دعم رحلات الشارتر من الموازنة المصابة بالعجز.