ذات مهرجان عالمي للشباب والطلاب زرت الجزائر للمرة الأولى، وأيامها سحرتني طريقة إحياء الشباب العربي لإبداعاتهم المفتوحة على الشمس والهواء، بعيداً عن صرامة المنافسات الرياضية وسخونة الأعصاب حيث لا يتحقق الفوز للجميع، ولابد من وجود خاسرين.. * في حفل اختتام ذلك المهرجان غنت ماجدة الرومي رائعتها "كلمات ليست كالكلمات" وأدهشتني حماسة جمهور جزائري ارتقت عنده الحماسه لأغنية عاطفية فتساوت مع الحماسة لمباراة طرفها محاربو الصحراء.. وقد علقت حينها بالقول: إنه الفعل الثقافي عند الشعب الجزائري الحر الذي يعكس الفعل الوطني الطبيعي رداً على النمط الثقافي للاستعمار الفرنسي.. * أما الذي أنعش ذاكرتي تجاه مشاهدات قديمة لأول رحلة لبلد المليون شهيد فهو استضافة الجزائر لدورة الألعاب الرياضية التي اختتمت أمس السبت، وحملت الرقم 13 رغم انطلاقتها في العام 1953 من القرن الماضي ما يعني أنها لم تنتظم، شأن أمور عربية كثيرة..! * وكما انتعش الجمهور لـ"كلمات ليست كالكلمات" في ختام مهرجان شبابي عالمي كان الجمهور الجزائري أكثر وأشد حماسة في افتتاح واختتام الدورة الرياضية العربية.. * وأجزم في الاعتقاد بأن هذه الدورة التي أُسدل الستار عليها مساء السبت لم تكن كالدورات بسبب تعثر إقامتها منذ الدورة العربية التي استضافتها الدوحة قبل 12 سنة وهو تعثر طويل ليس له من تفسير يرضي الضمير ويريح الوجدان.. * واليوم وقد عادت دورة الألعاب الرياضية للدوران من الجزائر البلد الذي تحققت أحلامه كمضيف وسيطر على بطولتها وميدالياتها الملونة أرى الجمال وهو ينفذ إلى قيمة الوحدة العربية ببطولة رياضية أرجو أن لا تتوقف عن تعزيز مفهوم الأخوة، وإشاعة المتعة والزهو من المحيط إلى الخليج..! * لقد شعرنا على مدار أيام هذه الدورة أننا أمام منافسة عربية حرَّكت ما تبلد من النشاط العربي وعكست حيويتها في تفاصيل تنافس عربي شامل أذكى الروح التعاونية والرياضية بصورة أرى أبجدية إبهارها في أن نستمر ونوقف عادتنا السلبية مع التسويف والتأجيل.. * مهمة اللجان الأولمبية العربية أن تأخذ متطلبات انتظام الدورة العربية في حسبانها، منطلقة من حماس الرعيل المؤسس الذي نقل إقامتها من فكرة في رأس أمين عام الجامعة العربية عبد الرحمن عزام إلى أول دورة في مصر، حينها اعتمدت الجامعة العربية نصف تكاليف الدورة مساعدة للبلد المنظم للمنافسة، وشاركت ثماني دول عربية وغابت الرياضة النسوية حتى العام 1985.. * إن الامتداد العربي الرياضي شرقا وغربا، آسيويا وأفريقياً ينبغي أن يكون حافزاً لرفع وتجويد المستوى الذي ينطلق من وعي عربي شامل بمتطلبات ومعايير الاقتراب من الأرقام العالمية في الألعاب الفردية تحديداً، ما دامت الطموحات الأولمبية والعالمية تعتمل في نفوس رياضيين عرب يسعون لأن يكون لهم كلماتهم في أكبر المحافل.. * إن في انتظام الدورة العربية صقلاً للمواهب وحافزاً لتطوير قدرات النجوم ومدّا لجسور التقارب بين المستوى المحلي والعربي وبين ما هو عالمي.. فقط كيف نأخذ بمعايير الالتزام والجدية في إعداد رياضيين عرب تتجاذبهم الطموحات داخل قارتين.. * بالرياضة نرتقي وفي الجزائر نلتقي.. شعار رفعه منظمو دورة الألعاب الرياضية، ولعب تحت هذا الشعار 3500 رياضي جاءوا من 22 دولة عربية، وتنافسوا على 20 رياضة كان لذوي الاحتياجات الخاصة تواجدهم.. وكان الجديد هو إقامة المنافسات في خمس مدن جزائرية سعياً لتتسع قاعدة الجمهور الجزائري ويتسع فضاء الشق الإنساني والاجتماعي والسياحي للمشاركين العرب.. * شكراً.. لكل من عمل على عودة عجلة الدورة العربية إلى الدوران.. وشكراً.. لكل من يرى هذه الدورة شامة على خد العرب.. كل العرب..