منذ العام ١٩٩٠ وهناك الكثير من الدراسات المتخصصة في رصد أسباب تحديد عمر الانسان ومظاهر الشيخوخة واثر ذلك على التعداد السكاني وإدارة الموارد، فعلى سبيل المثال ارتفع متوسط عمر الأفراد في الولايات المتحدة خلال القرن الماضي من ٤٧ سنة الى ٦٧ سنة، وبينما كان معدل الوفيات للأطفال حديثي الولادة ٩ من أصل كل ١٠ مواليد وصل الآن الى وفاة واحدة بين ١٧٦ ولادة، أما الدراسات التي أجريت في المملكة المتحدة فتشير إلى أن الخلايا تحمل في شفرتها الجينية توقيتا محددا لتتوقف عن الحياة والانقسام أو ما يطلق عليه انتحار الخلايا، وفِي نظرية علمية أخرى أن الخلايا لا تعود تستطيع إجراء عمليات الانقسام بشكل مثالي بعد منتصف الثلاثينيات من العمر مما يؤدي الى تراجع كفاءتها وبالتالي تراجع كفاءة الأعضاء المكونة لها وهذا ما يطلق عليه الشيخوخة، وبالتالي التراجع الجماعي لوظائف الجسم الذي لاشك يقود في النهاية إلى الوفاة.
اما المعيار الفلسفي لعمر الكائنات هو «وحسب دراسة اجرتها جامعة آلاباما في بيرمنغهام» أن الكائنات تعيش بمقدار ما تحتاج لتحقق مفهوم التكاثر والاستمرار، فعلى سبيل المثال فإن فئران الحقل لا تحتاج الى أعضاء تعيش ٥٠ عاما لأنها تموت سريعا على يد الطيور الجارحة، لذا عليها التكاثر سريعا، بينما فئران الارض الملساء قد تعيش الى أضعاف عمر تلك الفئران.
ان المقصد من الطرح هو ان حكمة الله في الخلق هي التكاملية بين الأجيال التي تقود الى إعمار الارض وبقاء النسل، وأن معدل عمر الانسان القائم هو ما يضمن التكاثر والتنمية المستدامة، إن دراسة معدلات النمو السكاني والتركيب النوعي هي حاجة ضرورية ملحة لرسم الاستراتيجيات والتخطيط السليم لكافة ملفات الحياة، البنى التحتية، المرافق، الموارد الطبيعية، النقل المحلي والدولي، الاتصالات، الأمن الغذائي، التخطيط التعليمي، شكل التكنولوجيا المستقبلي، وغيرها الكثير من المجالات القائمة على فهم دورة حياة الانسان التي تقوم على فكرة الشيخوخة والوفاة والبداية من جديد.
قال تعالى «يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون» صدق الله العظيم.. إننا نكبر ونشيب متمتعين بما أعطانا الله من عمر، سعداء بما مر علينا في هذه الحياة، فخورين بإنجازاتها ماضين في طريقنا موقنين أننا جزء من رسالة جماعية كل يكتب فيها السطر الذي أتى من أجله، إلى أن تكتمل الرسالة ويرث الله الأرض وما عليها.
وعلى أمل لقاء جديد هذه تحية.