ما زالت فرص تطوير الصناعات العسكرية كبيرة ينمو الاقتصاد العسكري في العالم بصورة مستمرة نتيجة للإنتاج الكبير للصناعات التي يتم إنتاجها سنويا من قبل العاملين في هذا القطاع، نظرا لحاجة الجيوش إلى مختلف أنواع العتاد العسكري للقيام بدوره، سواء في مجال الحرب أو السلم. كما أن تركيب وتشغيل هذه المؤسسات الصناعية العسكرية يتطلب تشغيل القوى العاملة والمدربة التي ترتبط أعمالهم بإنتاج الطائرات والمقاتلات والدبابات ومختلف أنواع الأسلحة التي تستخدمها الجيوش في حروبها بدءا من الرصاصة ومرورا بالطائرات وانتهاء بالغواصات والصواريخ العملاقة عبر القارات. وهذه الصناعات العسكرية هي جزء من منظومة الاقتصاد العسكري الذي يستوعب اليوم آلاف، بل ملايين، من البشر العاملين في مختلف المجالات والقطاعات التي تنتج تلك السلع والمنتجات بإشراف الإدارات العسكرية وأقسامها الإنتاجية. وهناك اليوم عدة دول تدعم اقتصادات حكوماتها من خلال تشغيل واستخدام أفراد جيوشها المجندين في أعمال مدنية وفي تأسيس وإقامة مشاريع كبيرة كالجسور والأنفاق والمطارات والموانئ والطرق السريعة أيضا، الأمر الذي يؤدي إلى النمو الاقتصادي الإيجابي لتلك الدول بسبب الإنجازات التي تتم في إطار عمل الاقتصاد العسكري. وقد أصبحت بعض تلك المؤسسات العسكرية تنافس اليوم أكبر الشركات والمؤسسات التابعة للقطاع الخاص. وهذه المشاريع والأعمال التي يتم إنجازها بواسطة الجيوش تمثّل استثمارات إضافية للدول والمؤسسات الاقتصادية المدنية، خاصة أن بعضها تتعلق بمشاريع صناعية وإسكانية وصحية كالمستشفيات والمراكز العلاجية والصحية ومراكز الشباب بجانب تصنيع المعدات العسكرية والمنتجات والسلع التي تحتاج إليها المجتمعات في حياتهم اليومية. وتبلغ قيمة وعقود هذه المشاريع أحيانا مليارات من الدولارات تعود بمنافع عديدة للاقتصادات الوطنية وتمثل قيمة مضافة لهذه الاقتصادات، بسبب مساهمتها في توفير فرص عمل جديدة في المجتمعات. كما يتم تنفيذ تلك المشاريع على أسس ومعايير عالية وعلى أساس كفاءة أفراد تلك الجيوش وانضباطهم وتقديرهم لهذه المسؤوليات، سواء في وقت السلم أو الحرب. وبعض الدول العربية دخلت في هذه المجالات منذ عدة عقود مضت. ومن هنا نرى أن هناك دوائر للإنشاءات والأشغال العامة يتم تأسيسها في تلك المؤسسات العسكرية، بحيث تهتم بتنمية المشاريع المدنية والقيام بدور أكبر في التنمية الاقتصادية، والتوجه نحو الاستثمار في تأسيس مشاريع صناعية وخدمية منتجة. فقد أصبحت عدة جيوش في العالم تنفق بعض أموالها العامة المخصصة لها في الموازنات المالية السنوية، وصناديقها التابعة لها في تشغيل مزيد من الأفراد لتأسيس وإدارة مشاريع مدنية كالمنتجعات السياحية والخدمية مثل المستشفيات والمصانع والجمعيات الاستهلاكية وغيرها. ونتيجة للحروب والمناوشات التي يشهدها العالم في بقع معينة منه، فما زالت فرص تطوير الصناعات العسكرية كبيرة، حيث تدر على الدول دخلا وربحية جيدة، وتتطلب وضع إستراتيجيات لهذه الحروب التي تهدف إلى تعطيل أهداف العدو وشل إمكاناته ومشاريعه الاقتصادية والعسكرية، أي تدمير قدراته الاقتصادية والإنتاجية. فالاقتصاد العسكري أصبح له دور كبير في تطور الفكر وإستراتيجيته من جميع النواحي، وله علاقات في الحرب والسلام. ويرى بعض الخبراء الاقتصاديين أن قطاع القوات المسلحة ونظرا لأهميته فإنه يجب أن يكون على أعلى مستوى له من القدرة التقنية في المعلومات والاتصالات وبجميع القدرات المعرفية الأخرى، وأن يستفيد من القدرات الهائلة التي تتيحها التقنيات لتحقيق أعلى قدر من وحدة التوجيه والرقابة والاتصال والاستعلام والاستكشاف التي تحتاج إليها الجيوش، بجانب عمله العسكري والقتالي. فأي تفوق اقتصادي عسكري في مجال ما فإنه لا يقل أهمية عن أي تفوق تجاري في مجال الصناعة والتجارة. ومن هنا فإن موضوع دراسة الأسس الاقتصادية للقوة العسكرية كان وما زال من المواضيع الأساسية التي تهم المفكرين الاقتصاديين في العالم. فالمال عصب الحرب، وفي السابق كان التجار يقصدون بالمال المعادن التي تمتلكها الدول وما يتحققونه منها.