مؤسسات أو أجهزة أو صناديق الاستثمار، التي تتفاوت مسمياتها وتختلف من بلد إلى آخر، فيما تشترك في التوجهات والمقاصد والأهداف، هي عبارة عن نظام مالي يسعى إلى تأسيس وبناء دعامات الأمن الاستثماري المستقبلي، ويحقق سياسات وجهود التنويع في الموارد، وذلك بتخصيص نسبة من دخل الدولة وفوائض الأموال العامة لتصبح جزءا من حصص الصندوق السيادي، ومن ثم استثمارها وتنميتها في أصول عقارية وأسهم وسندات وشركات وقطاعات واعدة تعتمد على دراسات جدوى وتوصيات خبرات وفرق عمل متمرسة في المجالات التي يسعى الصندوق أو الجهاز للاستثمار فيها والاستحواذ على نسب من ملكيتها في الداخل أو الخارج، وتعبر الصناديق الاستثمارية التي تتمتع بأصول مالية عالية القيمة، عن حجم اقتصاد الدولة التي تمتلكها ومركزه المالي، وتعد مؤشرا مهما يعتد به لتحديد تصنيفها الائتماني، وهو أخيرا يحقق هدفه الأهم كملجأ أو ملاذ آمن للدولة في مرحلة الانكماشات وتراجع الدخل والأزمات الاقتصادية الخانقة لرفد الميزانيات السنوية والاسهام في سد وتغطية العجوزات المالية وإن بنسب متواضعة إلى أن تتمكن الدولة من استعادة عافية اقتصادها وعودة التدفقات المالية إلى طبيعتها المعتادة، بدلا من الاعتماد الكلي على القروض وتحمل أعباء تكاليف الدين وخدماته المرهقة على مستقبل الاقتصاد. في سلطنة عمان شهد "جهاز الاستثمار العماني"، إصلاحات واسعة بدأت قبل سنتين تقريبا، وتواصلت حتى اليوم، بـ "إلزام شركاته بالإفصاح عن الأداء المالي ونشر التفاصيل للعموم"، وسوف تشمل "الافصاح عن الأداء المالي وملامح من الأداء التشغيلي السنوي للشركات..."، واتساع قائمة الافصاح تباعا في المستقبل، وهي إصلاحات لقيت استحسانا وتأييدا من المجتمع، وتفاؤلا بمستقبل واعد للاقتصاد العماني، واعتبرها المحللون والخبراء مؤشرا إيجابيا ستشهد فيه السنوات القليلة القادمة نموا وازدهارا وقدرة على تسديد الديون بوتيرة أسرع وأعلى، خاصة في ظل الطفرة التي تشهدها أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية. وقد عرضت لتلك الاصلاحات في مقالات سابقة نشرتها "لوسيل"، وسوف أتناول في هذا المقاول ما تضمنه العدد "الثالث" "إنجاز وإيجاز" وهي "نشرة فصلية يصدرها جهاز الاستثمار العماني"، من إنجازات ومكاسب ترتبط بأخبار الشركات المملوكة له، تسعى إلى تعزيز موارده ورفع قيمة استثماراته وتحقق التنوع في نشاطاته الاقتصادية والاستحواذ على أصول ناجحة واستثمارات مدروسة داخل السلطنة وخارجها، ومن أهمها: "البدء في إعادة هيكلة شركات توزيع وتزويد الكهرباء" تمهيدا إلى "حوكمة قطاع الكهرباء في سلطنة عمان"، وتعزيز كفاءته وتحسن انفاقه - توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة الزنجبارية ب"دراسة جدوى إعادة تأهيل ميناء ماليندي السياحي وتطوير واجهته البحرية..."، سعيا إلى "تنويع محفظة الجهاز الاستثمارية الدولية..." - الإعلان عن "افتتاح ثلاثة عشر مشروعا وطنيا عبر الشركات" المملوكة للجهاز، حيث تقترب القيمة الاستثمارية لها من "٥'٣ مليار ريال عماني". فيما أجرت "مجموعة أسياد"، التابعة لجهاز الاستثمار العماني، توسعة في خطها "الملاحي عمان - الهند لنقل الحاويات ليشمل موانئ سنغافورة وماليزيا" بغية "الوصول إلى أسواق دول جنوب شرق آسيا". كما تضمنت الانجازات تنفيذ مشاريع سياحية تقوم بها الشركة العمانية للتنمية السياحية "مجموعة عمران"، في مواقع استراتيجية. واحتفل كذلك بتدشين مشروع اطلاق "اسطول عمان لصيد التونة" الذي أطلقته "شركة تنمية أسماك عمان"، بغرض "صيد التونة في المحيط الهندي". وفي القائمة مشاريع أخرى في قطاعات متنوعة، تؤكد على النجاحات التي يحققها "جهاز الاستثمار العماني"، وانعكاسات الإصلاحات التي يجريها على الواقع الاستثماري وفي نمو وأحجام أصوله وتنوعها.