دور التأمين التكافلي

اعتاد الكثير من الناس خلال العقود الماضية على إنهاء معاملاتهم التأمينية من خلال شركات التأمين التقليدية التي تتحمل كل المخاطر التي تتعرض لها البشرية سواء من الكوارث الطبيعية أو الكوارث التي يسببها الإنسان للآخر في هذه الحياة. وأصبحت هذه الشركات تحصل في نفس الوقت على كل المزايا الإيجابية وأهمها الأرباح السنوية، كما تواجه أيضا النتائج السلبية لأي أمر آخر، إلا أن النوع الجديد من التأمين في المنطقة بدأ هو الآخر في الانتشار متمثلا في التأمين التكافلي الذي يلبي احتياجات ورغبات المستفيدين من الخدمات التأمينية التي تدار بأسس الشريعة الإسلامية، ويساهم هذا النوع من التأمين في تحمل المخاطرة من خلال مشاركة جميع المساهمين في أي موضوع يهم ذلك. وفي عمان تم تأسيس شركتين للتكافل التأميني خلال الفترة الماضية في إطار تنويع منتجات قطاع التأمين من جهة، وخطط الحكومة العمانية لجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية في مختلف المشاريع لتنويع الاقتصاد العماني من جهة أخرى. واليوم فإن حصة التأمين التكافلي من حجم الأقساط التأمينية تقدر بنحو 39 مليون ريال عماني وبنسبة 7.8% من مجمل الأقساط التأمينية البالغة نحو 446 مليون ريال عماني، في الوقت الذي يمكن أن يستوعب السوق شركات أخرى إذا تمكنت من تنويع منتجاتها التأمينية في إطار أسس الشريعة الإسلامية. والتأمين التكافلي يسعى إلى إيجاد تعاملات مالية وتأمينية متوافقة مع الشريعة الإسلامية، بجانب مساهمته في جذب واستقطاب شرائح جديدة من العملاء للقطاع لتوفير تغطية تأمينية مناسبة لهم. فنجاح تجربة التأمين التكافلي يعتمد على مقدرة شركات التكافل على اكتساب ثقة الناس والمنافسة في جودة السعر والخدمة وليس فقط باعتمادها على كونها شركات تلتزم بالمتطلبات الشرعية الإسلامية. والتأمين التكافلي يهدف إلى تنظيم تعاقدي وتحقيق تعاون بين مجموعة من المشتركين الذين يساهمون في التعرض للمخاطرة، من خلال تكوين صندوق يسمى "صندوق المشتركين" يتم من خلاله دفع التعويضات للمستحقين، ويتم إدارة هذه القضايا من خلال مؤسسة تعمل على إدارة هذا الصندوق واستثمار أمواله في مشاريع تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئها. كما يتم من خلال مؤسسات التأمين التكافلي إجراء مختلف عمليات التأمين كالتأمين على الحياة، وتكوين الأموال، والتأمين على المرض، والتأمين على الحوادث، والتأمين التكافلي العائلي وتأمين الممتلكات وغيرها من المشاريع التي تتفق مع الشريعة الإسلامية ومبادئها. وهناك توقعات بأن تنمو مؤسسات التكافل التأميني في المجتمع العماني خلال العقود المقبلة لتلبية احتياجات ورغبات المستفيدين من الخدمات التأمينية، خاصة وأن النتائج العامة التي حققها قطاع التأمين في السلطنة خلال الأعوام الثلاثة الماضية بشكل عام كانت إيجابية ومحل تفاؤل من العاملين في هذه المجالات، في الوقت الذي بدأت فيه شركات قطاع التأمين في السلطنة تحقق نموا كبيرا في قطاع التأمين الصحي، الأمر الذي يتطلب من شركات التأمين التكافلي بذل جهد أكبر لأجل التوعية بهذا النوع من التأمين وكسب ثقة العملاء وتبني استراتيجيتها التنافسية وفق معايير المنافسة السعرية، مع ضرورة تقديم أجود الخدمات. وفي الوقت نفسه يتطلب من مؤسسات التأمين التكافلي بأن تمارس دورها تجاه المتطلبات الرقابية، وممارسة الحوكمة وإدارة المخاطر والعمل بالشفافية والتوجه نحو الاستثمار في المجتمع العماني بجانب تحملها المسؤولية الاجتماعية تجاه مؤسسات المجتمع المدني. لقد صدر مؤخرا في عمان قانون التأمين التكافلي بعدما حصل على مزيد من الآراء والتوافق بين الجميع، حيث تم بموجب توجيهات الحكومة تفعيل الأحكام المنصوص عليها في النظام الأساسي للدولة الخاصة بمجلس عمان لتحقيق المصلحة العامة، وتحويل ثلاثة من مشروعات القوانين إلى المجلس لدراستها وهي مشاريع قانون التأمين التكافلي وقانون تأمين المركبات وقانون النقل البري وإعادة النظر فيها على ضوء الملاحظات المحالة على هذه القوانين من مجلس الوزراء، الأمر الذي كان محل تقدير وإشادة من قبل المسؤولين بمجلسي الدولة والشورى (مجلس عمان)، وبموجب ذلك تم تقديم الملاحظات القيمة على هذه القوانين. وهذا بالتالي يعزز من أسس ومبادئ الممارسة الشورية الصحيحة في البلاد من جهة، كما يعزز المزيد من المصلحة العامة للوطن والمواطن من جهة أخرى، ويعطي الفرصة لإنشاء مزيد من الشركات في مختلف القطاعات الاقتصادية.