مع ضعف الطلب لاسباب متباينة وبروز منتجين جدد من خارج منظمة أوبك، فإن حصة المنظمة في السوق بدأت تشهد تراجعا منتظما أسهم فيه تحملها لعبء خفض الانتاج لدعم الاسعار وهو ما يثير أسئلة عن مدى قدرة أوبك على الاستمرار في تحمل هذه المسؤولية وأن تظل مرجعية لموازاة العرض والطلب وأهم من ذلك من يتولى مقعد إدارة السوق، وهي المهمة التي ظلت تتحملها أوبك منذ ان انفردت بتحديد الاسعار في العام 1973 وذلك في انعكاس لتغير في ميزان القوى في السوق الذي كانت تسيطر عليه الشركات الكبرى.
في الشهر الماضي بلغ إنتاج الدول الاعضاء في أوبك 28.8 مليون برميل يوميا، ويكون بذلك متراجعا من انتاج ديسمبر البالغ 29.5 مليون، كما أشار التقرير الدوري للمنظمة لهذا الشهر الى خفض للطلب خلال الربع الاول من هذا العام بنحو 440 ألف برميل وهو ما أدى الى تراجع الاسعار الى أقل معدل لها خلال فترة عام مع توقع أن يتراجع الطلب في العام الى أقل من مليون برميل يوميا، وهو ما يعني انه اذا استمر الانتاج بنفس معدلات الشهر السابق فإنه سيكون هناك فائض في السوق في حدود نصف مليون برميل يوميا.
التعامل مع هذه التخمة التي بدأت تتكون وتتطور تحت لافتة ضعف الطلب بسبب انتشار فيروس كورونا وتأثيره على ميدان الاستهلاك والطلب الرئيسي في الصين يذهب الى أبعد من قرارات تتخذها أوبك وحلفاؤها وهل تستمر في برنامج الخفض الحالي مع تمديده الى بعد مارس أو تضيف الى ذلك تخفيضا أعمق.
والاشارة الى دور أوبك المستقبلي في ادارة السوق مع استمرار تراجع حصتها، الامر الذي يعني عمليا ضعف تأثيرها. فقد تراجعت حصة المنظمة التي ظلت في قمة هيمنتها الى 60 في المائة ثم بدأت في التراجع حتى استقرت عند 30 في المائة، وها هي ومنذ عدة أشهر تتراجع الى أقل من ذلك والمؤشرات ان اتجاه التراجع هذا يمكن أن يستمر مع بروز مناطق انتاجية جديدة من خارج أوبك، هذا الى جانب بروز تقنيات متطورة قادرة على ضخ النفط من مناطق المياه العميقة ومن الصخور والرمال، الامر الذي يرجع من تآكل حصة المنظمة قصة مستمرة.
في التعامل مع هذا الوضع لجأت أوبك الى الاستعانة بمنتجين آخرين لمشاركتها عبء إدارة السوق، بل وذهبت خطوة أخرى لتأطير هذا التعاون من خلال اقتراح تشكيل لسوبر أوبك، لكنها ظلت محاولات قاصرة عن تحقيق هدف إيجاد مؤسسة قادرة على الحلول محل المنظمة. وعندما يلتقى المنتجون في الاجتماع المقبل فإن الوصول الى إجابة حول ما ينبغي عمله لمواجهة ضعف الطلب الناجم عن فيروس كورونا لن يغني عن السؤال الاساسي عن مستقبل المنظمة في ظل حصتها المتناقصة في السوق.