تحديات الميزانيات الخليجية

saud2002h@hotmail.comh. ظلت دول الخليج طوال العقود الماضية معتمدة، اعتمادا أساسيا، في إعداد خططها الخمسية وموازناتها السنوية وتنفيذ برامجها ومشاريعها التنموية، على إيرادات أسعار النفط، ورغم التوسع الكبير في برامج التنمية وإقامة وتنفيذ المشاريع الخدمية ودعم قطاعات الصحة والتعليم والإسكان والكهرباء والماء وغيرها، إلا أن ذلك لم يؤدِّ إلى تعزيز الإيرادات الأخرى غير النفطية ونموها، ولم تستهدف الموازنات والخطط الخليجية إقامة مشاريع صناعية وتجارية وسياحية وتطوير برامج التعليم وتنظيم سوق العمل بما يكفل قيام تنمية مستدامة تتسم بالشمولية تقوم على سياسات رفع الإنتاجية وزيادة الكفاءة والنمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل حقيقية وتعزيز أنشطة البحث واستخدام التكنولوجيا وتحسين أداء المؤسسات وتحويل المجتمع الخليجي إلى مجتمع معلوماتي وإعداد وتشجيع سياسات وطنية للابتكار والإبداع ورفع مستوى التنسيق والتعاون بين دول الخليج العربي لإقامة مشاريع مشتركة وفتح الأسواق وتوفير الوظائف وتعزيز الاتفاقيات التجارية. ومن جانب آخر فإن الحكومات الخليجية وبحكم موقعها الإستراتيجي وثرائها مقارنة بدول المنطقة دخلت في التزامات مالية لدعم حكومات وأنظمة عربية والاشتراك في معترك تلك الصراعات والحروب وتقديم مساعدات إنسانية سخية للمهجرين من ديارهم، كل ذلك أدى إلى التوسع في بنود الموازنات الخليجية وارتفاع متواصل في عمليات الصرف، وقد تغلبت أسعار النفط المرتفعة خلال السنوات القليلة الماضية وزيادة الطلب عليه ورفع مستويات الإنتاج على التوسع الكبير في الإنفاق ولم تصب الموازنات الخليجية بأي إرهاق، ومع تغير الأوضاع وتحول أسعار النفط إلى الهبوط المستمر على مدى الأشهر المنصرمة من العام 2015م والقراءات المتشائمة وفقا لتحليلات اقتصادية مبنية على دخول دول جديدة إلى سوق الطاقة وانكماش الاقتصاد العالمي، ظهرت المتاعب على بنية الاقتصاد الخليجي الذي تكبدت موازناته خسائر فادحة في عام 2015م، ما عدا الاقتصاد القطري الذي لم يسجل أي عجز. وخطت دوله خطوات عملية نحو زيادة الضرائب ورفع الدعم عن بعض الخدمات وترشيد الإنفاق، وتسرب القلق إلى قطاعات ومؤسسات وشرائح المجتمع المختلفة التي وجدت أنها ستتأثر بشكل أو بآخر بهذه الإجراءات، وعلى ضوء أسعار النفط الضاغطة والظروف الاقتصادية القاهرة تم إعداد موازنات 2016م. وباستثناء دولة قطر التي أكدت (أن اقتصادها متين)، واستبعدت (تأثرها بانخفاض أسعار النفط)، فإن الدول الخليجية الأخرى تراجعت إيراداتها بما يزيد على 50 % عما كانت عليه، مع اتخاذ إجراءات، أبرزها تقليل الآثار المحتملة للعجز جراء تراجعات أسعار النفط، تعزيز الاستقرار المالي والتركيز على تمويل مشاريع التنمية المستدامة. تقليل النفقات الحكومية وزيادة الضرائب والرسوم ورفع الدعم عن بعض الخدمات لتتمكن الموازنات من تقليص فجوة العجوزات الكبيرة المتوقعة، مع الحرص على عدم مس الحقوق والامتيازات المباشرة للمواطنين، كالرواتب ومجانية التعليم والصحة واستمرار دعم قطاعات الكهرباء والماء. ومع ذلك فلا تزال تلك الإجراءات غير كافية في حال تواصل انخفاض أسعار النفط أو استمر على أسعاره الحالية. saud2002h@hotmail.comh.