تختلف أسماء الشركات وتتنوع بشكل كبير، فمنها من يختار رمزا أو كلمة تُعبّر عن مُلاكها أو نشاطاتها، ومنها من يضع اسمه الشخصي ليقول للمستهلكين ها أنا ذا، ومنها أيضا من يكتفي بنفسه ومنها من يكتب وشريكه أو وشركاه أو حتى وأبنائه، بل وأكثر من ذلك كثير من الشركات ما إن ننتهي من قراءة اسمها حتى نجد لغزا من حروف تأتي بعده، فنقف متأملين هذه الحروف ونحاول فك طلاسمها، وعندما نفشل في ذلك وفي كثير من الأحيان نلتفت ونسأل لماذا تُكتب هذه الحروف؟ وما هو الهدف منها؟ هي عبارات نقرؤها كل يوم وكثير منا لا يدرك الفرق بينها، فهل هي كما نراها نحن مجرد تسميات أم أنها كما يراها البعض الآخر من المُتخصّصين أسماء لشركات تخضع لشروط وأحكام ولها معانٍ ودلالات؟ وهل يمكن لأي شخص أن يُسمّي شركته باسمه أم أن الموضوع تحكُمُه قوانين وشروط أخرى؟ وهل لتلك الحروف المختصرة التي تأتي بعد اسم الشركة على استحياء معايير تحكمها أم أنها مجرد اختصارات لكلمات ليس من الضروري معرفتها من قِبل العامة والمستهلكين؟ من الناحية العامة فإن اسم الشركة هو اختيار حُر لأصحابها وبالتالي فإن تسمية الشركة تخضع لرغبة مالكيها على ألا يتعارض ذلك مع شروط ومعايير الدولة التي تنتمي إليها هذه الشركة، والتي يأتي على رأسها ما يلي: أولا وقبل كل شيء فإنه من المهم معرفة أنه لا يمكن اختيار اسم قام سابقا أي طرف آخر باستخدامه لنفس الغرض وبالتالي فإنه يمكن اختيار اسم الشركة على ألا يكون مطابقاً أو مشابهاً لعلامة تجارية محلية أو عالمية مسجلة أو مشهورة، وكذلك ألا يكون هذا الاسم قد تم استخدامه سابقا بشكل رسمي من قِبل شركة أخرى تمارس نفس النشاط، كذلك فإن معظم الدول تضع شروطا لاختيار الأسماء لشركاتها مثل أن تكون هذه الأسماء غير مُخلِّة بالآداب العامة المتعارف عليها بالدولة، وألا تكون مثيرة للنعرات أو الجدالات الدينية أو السياسية أو حتى الاجتماعية، علما بأن هذه المعايير تختلف من مكان إلى آخر ومن دولة إلى أخرى، كذلك فإن معظم الدول تفرض ألا يؤدي اسم الشركة إلى تضليل الجمهور فيما يتعلق بنوع تجارتها أو أهميتها أو حتى حجمها، أما من الناحية القانونية والتجارية فإن قانون الشركات ينظر إلى الأمر من زاوية مختلفة فهو يشترط وبشكل أساسي أن يكون اسم الشركة متوافقاً مع النشاط والشكل القانوني المطلوب وذلك وفقا لنوع الشركة التجارية، فالشريك الذي يذكر اسمه ضمن اسم الشركة يجب أن يكون مسؤولا بشكل تضامني (أي بصفة شخصية كاملة وبأملاكه الخاصة حتى) عن أي ديون أو التزامات لا تستطيع الشركة سدادها، وبالتالي فإنه يتم ذكر أسماء الشركاء سواء كانوا أبناء أم شركاء عاديين لتنبيه العملاء بأن الشركاء المذكورة أسماؤهم هم مسؤولون بشكل كامل عن أي عجز أو عدم قدرة على السداد قد تواجهها هذه الشركة مستقبلا في تعاملاتها معهم، أما بالحديث عن الحروف التي تلي أسماء الشركات فهي غالبا ما تكون اختصارا لنوع الشركة وشكلها القانوني مثلا: ذ.م.م. هي اختصار لكلمة ذات مسؤولية محدودة، و (ش.م.ع) هي اختصار لشركة مساهمة عامة و(ش.م.خ) تعني شركة مساهمة خاصة وكذلك (ش.ش.و) هي شركة الشخص الواحد وغيرها الكثير والكثير والذي يدُل أولا على نوع الشركة وشكلها القانوني وهو ما يعني دلالات ودلالات، فمن حيث المسؤوليات والصلاحيات شركات الأشخاص تختلف عن الشركات العامة وشركات التضامن تختلف عن شركات الشخص الواحد وهو ما سنتحدث عنه في مقالنا القادم بإذن الله. وأخيرا وليس آخرا فإنه وبرأيي الشخصي، اسم الشركة وبالرغم من بساطته وسهولة اختياره إلا أنه يلعب دورا هاما وكبيرا في سهولة وسرعة انتشار الشركة لاحقا فهو البوابة الأولى التي يمر عبرها كل من يتعامل مع الشركة وهو العلامة الحقيقية التي تنطبع في ذهن المستهلك الذي ما إن يحتاج إلى خدمة ما حتى يظهر أمامه اسم الشركة ليدله على طريق الاستهلاك الأفضل، ولنا في شركات كبرى قامت بتغيير أسمائها دلالات وعِبر فها هي "فيسبوك" قد أصبحت "ميتا" وها هي "باك راب" قد أصبحت "غوغل" أما شركة "سوني" فكانت تسمى "طوكيو تسوشين كوجيو" وشركة "بلو رايبن سبورتس" غيّرت اسمها لتصبح "نايكي" وغيرها الكثير والكثير، وهنا مربط الفرس، فالاسم السهل الخفيف القريب للذاكرة يوفّر على قسم التسويق مصاريف باهظة ويجعل من أي إعلان حملة دعائية كبيرة والعكس صحيح، وهنا أتذكر مقولة "بوب بيرج" الكاتب الاقتصادي حين قال "في الأحوال العادية، يحب الناس التعامل، وسينصحون الآخرين بالتعامل، مع شركات يعرفونها ويحبونها ويثقون بها" وكذلك أستذكر مقولة "فيليب كوتلر" خبير التسويق الدولي حين قال "يجب عليك ألا تذهب إلى ساحة المعركة قبل أن تربح الحرب على الورق، والخبر السار هو أنه يمكنك تعلم التسويق في ساعة واحدة، أما النبأ السيئ هو أنه يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لتبرع فيه".