سألته ألست القائل أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الأنام كتاب، قال نعم، قلت اما انك تزور زماننا وترى ما فيه من سروج سابحة ومن كتب مشحونة بالكهرباء في جيب الصغير قبل الكبير والفقير قبل الغني، وفيها من العلوم علوم ومن التاريخ أصول ومن الأدب ونقيضه، فهل تبقى على قولك خير جليس في الزمان كتاب، فقال أمهلني قرط من الزمن اتصفح كتابكم السحري المضيء وأعود لك بالخبر اليقين، عاد بعد يوم وحين وقال دعنا نذهب إلى شاطئ البحر ونبحث الامر هناك، ذهبنا ومكثنا ثم عدنا وبعدها أردف المتنبي سائلا، ماذا رأيت في البحر؟ فأجبت فيه من المراكب والمرتادين والصيادين، فرد قائلا أنا رأيت سطح البحر هادئاً وفِي جنباته تدور المعارك الطاحنة فالسمك الكبير يأكل الصغير والصغير يحارب بعضه بعضاً والسلاحف تستقبل صغارها والطيور تأكل أبناء السلاحف وقاع البحر يعج في أرواح أولئك البحَّارة الذين قضوا في رحلاتهم القديمة، كما رأيت السماء الصافية تخبئ في طياتها ملامح يوم القيامة والطيور تتلاطمها الرياح في جوف السماء لأتعرف لها موطنا، فقلت له حسناً دعنا نعود الى كتابنا الحديث هذا الموبايل الذي تحمله بين يديك وهو سبب زيارتنا للبحر، فرد قائلا «لا زال أعز مكان في الدنى سرج سابح وخير جليس في الانام كتاب» فإما سرج سابح في زمانكم، فاختر لنفسك مجلساً تعز فيه يذكر فيه من العلم المفيد ومن الخلق القويم ومن الذكر الجميل ومن اللهو القليل فذاك خير سرج سابح، وأما خير جليس في الزمان كتاب، فكتابكم كالبحر كل يرى فيه ما نظره لأجله، فأنت في البحر رأيت ما رأيت وأنا وجدت عما بحثت، فاعلم ان كتابك ان جالسته في خير ساق الى أبواب المعرفة ومنها الى ساحات النجاح وأغناك عن ناصح مدعي ومفتي مرتشي، وان انت اسأت صحبة كتابك السحري الصغير، قادك الى مرض الفكر واعتلال القلب وسوء السلوك ورداءة المنقلب، أما أنا فأقول ان من اكبر النعم التي حلت بالبشرية خلال عمرها على هذا الكوكب هو الهاتف الجوال وشبكة الإنترنت فلا سحر أسرع منها ولا معرفة افلتت منها خيرا كانت أم غير ذلك، فلينتقي كل منا كتابه وليختر كل منا طريقه فلا تزر وازرة وزر أخرى، وإلى أن نلتقي هذه تحية والى لقاء.