العمل المرن برنامج عمل زمني متغير يتضمن تخفيض ساعات العمل أو توزيعها يوميا/ أسبوعيا/ شهريا، على عدد أيام أقل، لتجاوز مبدأ يوم العمل التقليدي المحدد بساعة بداية وساعة نهاية، ولتأكيد أن المهم ليس عدد ساعات الدوام، وإنما إنتاجية العامل، ونوعية النتائج التي يحققها. بهذه الكيفية، يسمح العمل المرن بزيادة مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية في دول كثيرة تعاني تدني تلك المشاركة كالأردن، الذي تتراوح النسبة فيه بين 13% إلى 14%، وهي من بين الأقل عالميا، كما يعطي الفرصة للعامل لتنظيم وقته بما في ذلك مزاولة مهام وظيفته من المنزل، فتنخفض شكوى الانشغال بقضايا شخصية أو عائلية، وتتراجع الإجازات المرضية والطارئة، وتتقلص الشكوى من الإرهاق أو قلة النوم الذي يكلف الاقتصاد الأمريكي مثلا 411 مليار دولار بخسارة 1.2 مليون يوم عمل سنويا، والاقتصاد الياباني 138 مليار دولار بخسارة 600 ألف يوم عمل سنويا. يرى كثيرون في العمل المرن مدخلا لحل مشكلات مزمنة كالبطالة، من خلال إتاحة فرص عمل بالساعة - كوحدة للأجر- ما يفتح الباب أمام كثيرين للعمل الجزئي، وكالازدحامات المرورية التي تعانيها شوارع المدن المختلفة كمدينة عمان الأردنية، التي تزدحم فيها المركبات على مدار ساعات الدوام اليومي -دون وجود تفسير لذلك- وهي تقوم بنحو7 ملايين حركة يوميا، كلفة الوقت الضائع على المواطنين بسببها نحو 1.4 مليار دولار سنويا، بالإضافة إلى كلفة المحرقات الناجمة عن أزمة المرور المقدرة بنحو 1.4 مليار دولار سنويا أيضا، وهي كلف تزيد منفردة عن جميع المنح والمساعدات المقدمة للأردن في السنة الواحدة -المنح المقدرة للعام 2017 نحو 1.1 مليار دولار- وتزيد عن عجز الموازنة المقدر للعام 2017 بنحو 1.2 مليار دولار. لكن ورغم عوائده الإيجابية، فإن عراقيل عديدة تحول دون تطبيقه وتعميمه، كاشتراط موافقة أصحاب العمل اختياريا عليه، ووجود سنوات عمل سابقة للسماح للعامل بالاستفادة منه، وربط الراتب بالحد الأدنى للأجور ولو تلميحا، مما يخلق ذرائع للتمييز في الأجر لنفس العمل بين العامل المرن وغير المرن، وعدم مناسبته لكل الوظائف والأعمال كالوظائف التنفيذية، أو تلك التي تتطلب خدمة الناس في أوقات محددة، يضاف إلى ذلك سهولة إساءة استخدامه من ذلك قضاء العامل ساعات يومية زائدة، أو التعمد في إطالة ساعات العمل دون إنجاز، فقط لتجميع عدد أكثر من ساعات العمل المرنة في تاريخ معين، لتحويلها إلى أيام إجازة، مما يقلل رغبة أصحاب العمل بتطبيقه. في الواقع تباينت نتائج خفض أو زيادة ساعات العمل في دول نفذت مثل تلك السياسات، ففي عام 2005 ألغت مدينة سويدية مرسوما كان يقضي بالعمل لست ساعات في اليوم، لأنه يكلف كثيرا لصعوبة إدارته بسبب طبيعته المتشعبة، خصوصا وأن إدارة نظامين مختلفين للعمل -أحدهما ست ساعات والآخر ثماني ساعات يوميا- أمر معقد جدا، في المقابل أشارت دراسة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نشرتها مجلة الإيكونوميست، أنه كلما زادت ساعات العمل، قلت إنتاجية العاملين. العمل المرن يتطلب بيئة أعمال تفاعلية، وهو كأي نظام إداري رهن بحسن استخدامه ومأسسته محليا، وربما يكون حلا ممتازا لرفع معدل الإنتاجية التي تتراوح عند مستوى نصف ساعة كحد أقصى في اليوم للموظف الحكومي العربي.