يشد الكثير من العمانيين رحالهم في فصل الخريف إلى عروس البلاد محافظة ظفار، تنقل مئات السيارات والحافلات يوميا ومعها عدد من الرحلات الجوية، مجموعات أسرية وشبابية وأفرادا من مختلف محافظات السلطنة ومن مدن وعواصم ومناطق خليجية وعربية وعالمية لقضاء إجازتهم السنوية في أجمل وأفضل وجهة سياحية في منطقتنا العربية في هذا الوقت من السنة. ففي فصل الصيف القائظ الذي تصل فيه درجات الحرارة أحيانا إلى الخمسين في العواصم والبلدان الخليجية، يصبح التوجه إلى هذه المحافظة وحاضرتها صلالة المزدانة ببساطها الأخضر، المنتعشة بأجوائها الخريفية اللطيفة، الملتحفة برداء ضبابها الممطر على مدى ثلاثة أشهر من نهايات يونيو وحتى بدايات سبتمبر، ودرجات حرارتها التي لا تتجاوز الثلاثين في المدينة، يصبح التوجه - إلى صلالة خيارا أساسيا ووجهة مميزة ومقصدا مفضلا للكثيرين. وليس من السهل على أيٍّ كان وهو يتابع تلك المشاهد الخلابة والمناظر الآسرة التي تعرضها شاشات التلفزة ووسائل الإعلام الأخرى، أن يقاوم إغراء الصور وجمال الطبيعة الطاغي الذي يرسمه موسم الخريف في هذا المكان المتفرد. فأين يجد المرء هذا كله في الخليج وفي أشهر الصيف القائظ؟ وبالإضافة إلى الطبيعة الخلابة ففيها المعالم الحضارية المتنوعة والأسواق الشعبية والقلاع التاريخية والآثار المعمارية والمقابر القديمة ذات القباب الفخمة والشواطئ المنفتحة على العالم الآخر، وتتميز كل من ولايتي رخيوت وضلكوت، بالطريق السياحي البديع، المطل على الشواطئ البكر والمشاهد الطبيعية الجميلة والمتعرج وسط الجبال وفي دواخلها الحصينة وقممها الملتحفة بالضباب. ستظل المنطقة الجنوبية وعروسها صلالة أشبه بعالم من الخيال والقصص التي لا مكان لها إلا في صفحات ألف ليلة وليلة، ولن يعترف هذا العالم بحقيقة أن في خليجنا العربي المرتبط في أذهانه بالصحاري القاحلة والجبال الصلدة والسهول القفرة والأودية الجافة، مدينة تلتحف الضباب وتصبح في موسم الخريف بستانا أخضر، إلا إذا حط رحاله على أرضها واستمتع بهذا الجمال الخلاب. ولكن وفي المقابل، فإن الخصيصة التي تتفرد بها هذه المنطقة ما زال ينقصها الكثير من العمل لتطوير القطاع السياحي وإقامة المشاريع الحيوية وتعزيز البنى التحتية من شوارع مزدوجة خاصة الشارع الرئيسي الذي يربط ولاية أدم بثمريت وإنشاء محطات واستراحات خدمية على جوانبه، وإقامة حدائق متنوعة وملاهٍ للأطفال ومطاعم راقية وتنظيم وتطوير الفعاليات والأنشطة الثقافية والترفيهية والمراكز التجارية الحديثة والمزيد من الفنادق ومقاهٍ متنقلة أو ثابتة تتوزع على المناطق السياحية في الجبال والأراضي الخضراء والعيون التي تستقطب السياح والأسر ودورات مياه تخدم زوار الخريف، خدمات سياحية تتسم بالتنوع والشمولية لإرضاء أذواق السياح، وما نأمله أن يبادر رجال الأعمال الخليجيون والشركات المتخصصة للاستثمار في أرض اللبان والحضارة والتاريخ والطبيعة الخلابة باعتبارها موقعا سياحيا استثنائيا في الخليج وجاذبا للأسر الخليجية ومقصدا رئيسيا لمواطني المنطقة خاصة في ظل ضيق الخيارات المتوفرة بسبب الحروب والصراعات وحالة عدم الاستقرار التي تشهدها العديد من دول العالم التي كانت في السابق مقصدا للسياح الخليجيين في فترة الصيف.