خطة التحفيز الاقتصادي

تقر الحكومات سياسات التحفيز المالي لمعالجة «ارتفاع نسبة البطالة وضعف الطلب الكلي وبطء النمو». وقد تلقى الاقتصاد العالمي في عام ٢٠٢٠، صدمة موجعة لم يسبق لها مثيل منذ الكساد العظيم في ١٩٢٩ وانعكاسات الحربين العالميتين الأولى والثانية، بحسب تحليلات وآراء الخبراء الاقتصاديين، وذلك من جراء جائحة «كوفيد ١٩» وما رافقها من سياسات احترازية مشددة تمثلت في إجراءات حظر وغلق الحدود والأسواق وتجميد نشاط السفر والسياحة وعشرات الأنشطة التجارية الأخرى، وما زال العالم بعد مرور أكثر من عام يعاني من انتشار سلالات جديدة وتفاقم أعداد المصابين والوفيات ومن استمرار تلك الاحترازات المشددة، ما تسبب في انكماشات حادة وضعف في أداء الاقتصادات العالمية وتراجع النمو وارتفاع نسبة البطالة، وقد هبت حكومات العالم إلى إقرار جملة من سياسات التحفيز وتخصيص وضخ الأموال في الأسواق لإنعاشها ومساعدة الاقتصاد على الصمود والنمو، كان آخرها قرار مجلس الشيوخ الأمريكي باعتماد «خطة الرئيس جو بايدن لتحفيز الاقتصاد المتضرر جراء جائحة فيروس كورونا والبالغة قيمتها 1,9 تريليون دولار»، والتي تسعى إلى إنقاذ الأمريكيين من خسارتهم للمزيد من الوظائف وتوفير ستة ملايين وظيفة، وتسريع صناعات اللقاحات المضادة لفيروس كورونا لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها، مع العلم بأن هذه الخطة التحفيزية هي الثالثة التي تقرها الحكومة الأمريكية لمواجهة التداعيات الاقتصادية الحادة في ظل تفشي وباء كورونا. وفي يوم الثلاثاء الموافق التاسع من مارس الماضي، أقر مجلس الوزراء بمباركة من قبل السلطان هيثم بن طارق «خطة للتحفيز الاقتصادي تحقيقًا لمعدلات نمو مرتفعة حسب ما هو مخطط له في رؤية عُمان 2040م. في تأكيد على "أنَّ تلك الخطة تشتمل على العديد من الحوافز والمبادرات من بينها حوافز متعلقة بتخفيض الضرائب والرسوم على الشركات التي ستباشر نشاطها خلال عام ۲۰۲۱م في قطاعات التنويع الاقتصادي (الصناعة، والسياحة، والقطاع اللوجستي، والثروة السمكية والزراعية، والتعدين) وتخفيض معدل ضريبة الدخل على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لعامي ۲۰۲۰م و۲۰۲۱م، بالإضافة إلى تخفيض القيمة الإيجارية في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم والمناطق الصناعية حتى نهاية ۲۰۲۲م...". ومن المتوقع أن تنعكس خطة التحفيز إيجابا على أداء الاقتصاد العماني لعامي ٢٠٢١ - ٢٠٢٢م، والسنوات التي تليهما، خاصة وأن أسعار النفط الذي يعتمد الاقتصاد العماني على عائداته شهدت تحسنا جيدا في الأسواق العالمية، كما أن العالم في حالة تعافي تدريجي كما تشير إليه الأرقام والاحصاءات اليومية من "كوفيد١٩" على ضوء نجاح الأمصال في الوقاية، واتساع نطاق توزيعها وتلقي عشرات الملايين من الناس للقاح على مستوى العالم. التفاؤل هو السائد في الشارع العماني بحسب ما تظهره مؤشرات سوق مسقط للأوراق المالية الذي يشهد نشاطا جيدا والقطاعات والأنشطة الأخرى كذلك، وما يعبر عنه كبار المسؤولين ورجال الأعمال بعد الإعلان عن الخطة التحفيزية، فقد أكد وزير الاقتصاد بأن سياسات التحفيز تسعى إلى "ضمان سرعة عودة الأنشطة الاقتصادية وتحقيق معدلات نمو اقتصادي بشكل متسارع"، وأشار رئيس الغرفة إلى أن خطة التحفيز الاقتصادية تضمنت العديد من "الحوافز والمبادرات التي تصب في مصلحة القطاع الخاص وتعزيز الاقتصاد وتشجيع الاستثمار الأجنبي"، وعلق وكيل التجارة على الخطة التحفيزية قائلا بأن "السياسة المالية التوسعية الهادفة إلى خفض الضرائب والرسوم ومنح المزيد من الاعفاءات تعتبر محركات رئيسية لتحفيز الاقتصاد وتسهيل تدفق الاستثمارات مما سيساعد الاقتصاد لاستعادة عافيته للنمو من جديد..".