قضية الجوع وقلة الغذاء لا يمكن القضاء عليها إلا من خلال مبادرات عالمية جادة، أهمها وقف الحروب العبثية والاعتداءات الإرهابية التي تقع في العالم، والعمل على نشر العلم والمعرفة بين سكان الأرض، بجانب العمل على نشر الوعي بمسألة الوضع الغذائي وحالة التغذية في العالم. ورغم تكرار مناسبة يوم الغذاء العالمي الذي يصادف يوم 16 من شهر أكتوبر من كل عام، إلا أن الأوضاع التي تمتُ الغذاء لم تتحسن بالصورة المطلوبة في الكثير من دول العالم. ووفقا لبيانات برنامج الغذاء العالمي فهناك اليوم حوالي 795 مليون شخص في العالم ليس لديهم ما يكفي من الغذاء ليعيشوا حياة نشيطة وصحية، وهذا يساوي واحدا من بين كل تسعة أشخاص على وجه الأرض. كما يعاني 13.5% من السكان من نقص التغذية، خاصة في قارة آسيا التي يقطن بها معظم الجياع . كما أن أفريقيا وخاصة جنوب الصحراء تعتبر من المناطق ذات المعدلات الأعلى لانتشار الجوع وفق النسبة المئوية من السكان، حيث هناك واحد من كل أربعة أشخاص يعاني نقص التغذية، في الوقت الذي يسبب سوء التغذية ما يقارب من نصف عدد وفيات الأطفال دون سن الخمس سنوات (45%)، أي ما يساوي 3.1 مليون طفل كل عام، وضمن الحقائق الأخرى المتعلقة ببيانات برنامج الغذاء العالمي أنه إذا تمكنت النساء المزارعات من الوصول إلى الموارد المطلوبة مثلها مثل الرجال، فإنه يمكن حينها خفض عدد الجياع في العالم بما يصل إلى 150 مليون جائع، في الوقت الذي يعاني فيه 66 مليون طفل من تلاميذ المدارس الابتدائية في العالم النامي من الجوع، منهم 23 مليون طفل في إفريقيا وحدها. وفقاً لتلك التقديرات فإنه بحاجة إلى 3.2 مليار دولار أمريكي سنوياً للوصول إلى جميع أطفال المدارس الجياع . العالم يحتاج إلى التكاتف للقضاء على هذه الآفة، في الوقت الذي يمكن له توفير المواد والسلع الغذائية لسكان الأرض جميعا، وهذا سوف يتحقق فقط من خلال تكريس جهود الجميع لتحقيق التغييرات التي يحتاجها العالم سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، بما في ذلك القضاء على الفقر المدقع، ودعم صغار المزارعين، وضمان الحصول على الطعام المغذي على مدار السنة للأشخاص الأكثر احتياجاً، ومن خلال الاستثمار في برامج الحماية الاجتماعية. وهذه هي رسائل المسؤولين في برنامج الغذاء العالمي. وتؤكد المنظمة في رسالتها على أن الناس هم أساس تحقيق الأهداف العالمية السبعة عشر – بما يشمل الهدف الثاني، وهو القضاء على الجوع، فالناس كانوا ضمن العملية التي حددت تلك الأهداف. ومن هنا يجب علينا جميعا أن نعمل معا لبلوغها بحلول عام 2030، ليتحقق هذا الهدف المطلوب وهو "عالم بلا جوع". فالعالم يحتاج إلى سياسات للقضاء على جميع المسببات الرئيسية للجوع، فاذا كان عاجزا عن مواجهة الكوارث الطبيعية التي تحدث بين الفينة والأخرى، فإنه قادر على مواجهة إيقاف الصراعات، والفقر، وتعزيز البنية التحتية الزراعية، وتحسين البيئة وعدم استغلالها بصورة مفرطة، ومواجهة الأزمات المالية والاقتصادية التي تدفع للوقوع في شرك الجوع. فإن محاولات العالم عبر المنظمات الدولية تسير ضمن العمل على تحقيق قائمة الأهداف الإنمائية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة للقرن الحادي والعشرين، وهي خفض نسبة الجوعى في العالم بمقدار النصف. وفي الوقت الذي تم إحراز تقدم جيد في الحد من الجوع المزمن خلال فترة الثمانينيات، والنصف الأول من التسعينيات، فإن هذه القضية عادت مرة أخرى لتزداد وببطء ولكن باطراد مقارنة بالعقد الماضي.. الجهود الدولية يجب أن تركزعلى تحقيق الأمن الغذائي الجيد في العالم لحوالي 795 مليون شخص ممن يعانون من المجاعة، بعد أن كانوا 167 مليون شخص منذ عقد من الزمان. وهذا الأمر يتطلب توجيه استثمارات سنوية تقدر بنحو 265 مليار دولار أمريكي. حيدر بن عبدالرضا اللواتي haierdawood@hotmail.com