إن توافر حسن النية الواجب في كافة العقود والتصرفات والإجراءات عموماً، مقررة كقاعدة قانونية أصولية ولو لم يجر بها نص خاص في القانون، تقوم على اعتبارات خلقية واجتماعية في محاربة الغش والخديعة والاحتيال بعدم الانحراف عن جادة حسن النية، من أجل صيانة مصلحة الأفراد والجماعات، ولذلك قرر القانون أو جرى القضاء على حماية مصالح من يتعامل بحسن نية، مثالا لذلك الوضع الظاهر والوكالة الظاهرة.
الأصل في العقود أنها تنفذ في مواجهة عاقديها، وأن صاحب الحق لا يلتزم بما صدر عن غيره من تصرفات بشأنها، إلا أنه حماية لحركة التعامل في المجتمع اعتد القضاء بالوضع الظاهر، ومؤداه أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه سلباً أو إيجاباً في ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، ومثال ذلك إذا كان موظف في شركة معينة ليس مخولا بالتوقيع عن الشركة ولكن الشركة سمحت لهذا الموظف بالظهور بمظهر المدير بالشركة وإجراء بعض المعاملات مع العملاء باسم الشركة واستخدام ختم الشركة في إجراء المعاملات، فإن الشركة لا تستطيع أن تتهرب من المسؤولية بحجة أن الموظف ليس مخولا بالتوقيع، وقد قضت محكمة التمييز القطرية في مثل هذه الحالات بنفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق. وعلى ذلك متى ما وقع من الأصيل ما ينبئ في ظاهر الأمر عن انصراف إرادته إلى إنابته لسواه في التعامل باسمه بأن يكشف عن مظهر خارجي منسوب إليه يكون من شأنه أن يوهم الغير ويجعله معذوراً في اعتقاده بأن ثمة وكالة قائمة بينهما فيكون من حق الغير حسن النية في هذه الحالة أن يتمسك بانصراف أثر التعامل الذي أبرمه مع من اعتقد بحق أنه وكيل – إلى الأصيل لا على أساس وكالة حقيقية قائمة بينهما - وهي غير موجودة في الواقع – بل على أساس الوكالة الظاهرة.