عندما تؤلم المساعدة

يتطلب إطلاق العنان للمبادرات الإنسانية لإمداد الفقراء بالمساعدة الفعالة غير قليل من التواضع، وربما التوبة وقدر من انكسار النفس. وقد ذكرتني بكتاب «عندما تؤلم المساعدة: كيفية التخفيف من حدة الفقر دون إلحاق الضرر بالفقراء»، الذي صدر عام 2014، لمولفيه ستيف كوربيت وبرايان فيكريت، مبادرات إنسانية في السودان، وغيره، اتخذت شعاراً دينياً لحشد داعميها، لكنها لم تنج من انتقادات واسعة حول الطريقة، التي تعاطت بها مع الفقراء، المستهدفين الأساسيين بمساعداتها. لقد ذكر كتاب «عندما تؤلم المساعدة» أن النوايا الحسنة وحدها لا تكفي، وأنه عندما تساهم منظمة «المساعدة إيذاء» Helping Hurts في وضع إطار يستند إلى الكتاب المقدس، فيما يتعلق بالأسباب الجذرية للفقر وتخفيف حدته، ينبغي أن يتم العثور على مسار يقود إلى الأمام، ليس من خلال توفير الموارد للفقراء، ولكن من خلال المشي معهم في علاقات متواضعة. وسواء أكانت المنظمة مشاركاً في مهام قصيرة المدى، أو في تمكين الفقراء على المدى الطويل، فإن هذا الكتاب يساعد على تعليم الناس ثلاثة مجالات رئيسية: تبدأ باستيعاب المفاهيم التأسيسية حول من هم الفقراء، والتزام المبادئ، التي يجب أن نفعلها للإغاثة، أو إعادة التأهيل، أو التنمية، ومن ثم تطبيق الإستراتيجيات، والتي تمكننا من معرفة كيفية مساعدة الناس بشكل فعال، في الداخل وفي الخارج. إن الفقر هو أكثر من مجرد نقص في الموارد المادية. لذا، يستلزم الأمر أكثر بكثير من مجرد التبرعات والشعارات والنشرات لحلها. فعندما تُسهم «المساعدة إيذاء» في إظهار كيف أن بعض جهود التخفيف، التي لا تأخذ بعين الاعتبار تعقيدات الفقر، قد تتسبب بالفعل، ولو لم تكن متعمدة، في ضرر أكثر من نفعها. وعندما تساعد هذه المنظمة على أن تكون نموذجاً كلاسيكياً معاصراً في موضوع التخفيف من حدة الفقر، فإنها تحثنا على النظر إلى العمل الخيري في المستقبل بتصور إنساني، إنها تُشجعنا على رؤية الكرامة في كل شخص، لتمكين الفقراء مادياً ومعنوياً، ومعرفة أننا جميعاً محتاجون بشكل فريد، وأن الله يوفق كل شخص لنفسه ولخدمة غيره. ويلفت الكتاب انتباهنا إلى أن التركيز على كل من سياقات أمريكا الشمالية، وأغلبية العالم، يُرشدنا إلى أنه عندما تقدم منظمة «المساعدة إيذاء» استراتيجيات أثبتت فعاليتها للتخفيف الفعال من الفقر، فإنها تحفز فكرة أن التغيير المستدام لا يأتي من الخارج إلى الداخل، ولكن من الداخل إلى الخارج. ويُخبرنا المؤلفان بصراحة أنه عندما تساعد في إيذاء الفقراء بطريقة استعراضية، فإنك تنتهك كرامتهم. وعلى الرغم من أن هذا الكتاب سيجعل العديد من القراء، خاصة العاملين في مجالات العمل الإنساني والطوعي، غير مرتاحين، إلا أنه يقدم أملاً في شكل إستراتيجيات جديدة مجدية، وممكنة، لفهم أفضل كرامة ومطالب الفقراء المادية والمعنوية. إذن، ما هي فرصة المبادرات الإنسانية لإحداث فرق في عالمنا من خلال مساعدة الفقراء؟ إن كوربيت وفيكيرت يبنيان فكرتهما الأساسية على التصاعد المتنامي للروح الإيجابية، التي تجتاح العالم، وأن المنظمات الطويلة المؤهلة أخلاقياً بشكل واضح، تسعى في رحلة شاملة تتمحور حول شعارات الدين، والتي ستؤتي ثماراً كبيرة على الفقراء والمحتاجين العالمية. فكيف يمكن لمنظمة محلية أن تحدث فرقاً، وكيف يمكن للأفراد المتدينين أن يعكسوا نعمة التدين بشكل مجد، خاصة عندما تكون تباينات الثروة والقوة في عالمنا كبيرة جداً؟