رغم إقرار صندوق النقد الدولي بالتداعيات السلبية لجائحة كورونا على اقتصادات الدول النامية، من تراجع النمو إلى حد الانكماش بأغلبها، وتراجع موارد ميزان المدفوعات وزيادة عجز الموازنات مع زيادة الإنفاق الصحي وتراجع الإيرادات الضريبية، إلا أنه يصر على أن تكون قروضه لتلك البلدان مشروطة بتنفيذ برامج إصلاحية، يتأكد من تنفيذها خلال المراجعات الدورية لتلك الدول كشرط للاستمرار في صرف أقساط تلك القروض. وها هو الصندوق يعلن مع القرض الذي وافق عليه مؤخرا لمصر بقيمة 5.2 مليار دولار الشهر الماضي، كاتفاق استعداد ائتماني لمدة 12 شهرا، يتجه لدعم الموازنة المصرية ولتحفيز القدرة على الحصول على تمويل من مصادر إضافية متعددة الأطراف وثنائية، حيث تم الحصول على 2 مليار دولار كشريحة فورية والباقي على شريحتين حسب المراجعات التي ستتم لتنفيذ البرنامج الجديد مع مصر. والذي تتضمن ملامحه إصدار قانون جمركي معدل لتيسير التجارة وتخفيض الحواجز الجمركية، وإدخال تعديلات على قانون المنافسة والحفاظ على مرونة سعر الصرف والسماح بتعديلات بسعر الصرف على نحو منظم، وتعبئة إيرادات إضافية لتلبية الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وهو ما تمثل في زيادة ضريبة رسم التنمية للعديد من البنود. وتجهيز وزارة المالية لتعديلات على ضريبة القيمة المضافة تسمح بفرض ضريبة بنسبة 14% على الصابون والمنظفات المنزلية رغم حاجة مكافحة الفيروس للنظافة المستمرة. وكذلك فرض ضريبة قيمة مضافة بنسبة 14% على أنواع المخبوزات عدا الخبز رغم كونها سلعا شعبية الاستهلاك، وإضافة شريحة جديدة لرفع أسعار الكهرباء رغم تدهور الأحوال المعيشية للمصريين. وأشادت رئيسة بعثة الصندوق بمصر بتشجيع التعافي الأخضر من خلال فرض رسم على استهلاك منتجات الوقود، حيث تم فرض رسم تنمية على استهلاك البنزين والسولار، وهو أمر يتناسب مع المجتمعات ذات الأجور المرتفعة، بينما يشجع الصندوق فرض رسم على استهلاك المشتقات ويسعى نفس الوقت لخفض فاتورة الأجور الحكومية وطالب الصندوق بزيادة متطلبات إعداد التقارير بشأن المؤسسات المملوكة للدولة والهيئات الاقتصادية، حيث يشير الواقع العملي لعدم نشر البيانات المالية للهيئات الاقتصادية الحكومية ولشركات قابضة تابعة للوزارات ولشركات عامة بقطاعي البترول والكهرباء ولبنوك عامة منذ سنوات عديدة. وتغاضى الصندوق عن إعلانه عام 2016 استهداف بلوغ الإنفاق على الحماية الاجتماعية نسبة 1% من الناتج المحلي، حيث بلغ نصيبه بالموازنة الجديدة نسبة ثلاثة بالألف من الناتج المحلي بعد خفضه، وتغاضى عن تغول النشاط الاقتصادي العام على القطاع الخاص. ومع إقراض الصندوق الأردن 1.3 مليار دولار بموجب تسهيل الصندوق الممتد فقد اشترط تثبيت مستوى الدين العام ووضعه على مسار تنازلي، وضبط أوضاع المالية العامة وتوسيع الوعاء الضريبي والحد من الإعفاءات الضريبية لمنشآت الأعمال، وتطوير إدارتي الضرائب والجمارك واحتواء الإنفاق وترشيد النفقات الجارية والحد من الخسائر بقطاعي الطاقة والمياه، ودعم نظام ربط سعر الصرف وتحقيق الشمول المالي وإجراء إصلاحات بمجال الحوكمة وتقوية الإطار التشريعي للقطاعين المصرفي والمالي. ومع إقراض الصندوق 130 مليون دولار لموريتانيا فقد أكد على التزام السلطات ببرنامج الإصلاح الاقتصادي، ومواصلة تطبيق سياسات حذرة للاقتراض، ومع إقراض جيبوتي 43.4 مليون دولار دعا للحد من إقراض القطاع العام. ومع إقراض الصندوق تونس 745 مليون دولار من خلال أداة التمويل السريع فقد أشار إلى التزام السلطات باستئناف عمليات الضبط المالي بمجرد استيعاب الأزمة وأشار لخطوات اتخذتها السلطات بتطبيق آلية لتعديل أسعار الوقود تلقائيا، وتحقيق وفورات بفاتورة أجور الموظفين العموميين وإعادة جدولة الاستثمارات العامة، ودعاها لخفض فاتورة أجور الخدمة المدنية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي وإجراء المزيد من الإصلاحات بدعم الطاقة.