تحسن الدولار في الأسواق العالمية. ارتفاعه يزيد المخاطر في الأسواق المالية وفي الاقتصاد الدولي بسبب الضرر الذي يلحقه بالدول النامية والناشئة. هذه الدول تقترض بالنقد الأمريكي مما يجعلها تتعثر في تسديد الديون التي ترتفع تكلفتها. تتوجه عندها نحو الافلاس أو اعادة الجدولة، والاثنان صعبان. تحسن الدولار يجعل السلع، في الدول التي لا تعتمده كنقد، أقل تكلفة للتصدير. صادرات الدول غير المدولرة ترتفع، وبالتالي تستفيد أكثر من ايراداتها الخارجية بالعملات الصعبة. تستفيد الولايات المتحدة من قوة الدولار لزيادة استيرادها حتى لو ارتفع عجز الميزان التجاري. المنتجات المستوردة تصبح أرخص للأمريكي وبالتالي تشكل قوة النقد سلاحا قويا لمحاربة التضخم تماما كالفوائد. يبقى الاستهلاك قويا في أمريكا، وهذا يمكن أن يجنب الاقتصاد الركود القاسي. وصل التضخم القوي الى الولايات المتحدة بعد طول غياب مما فرض على المركزي رفع الفوائد. ما زالت رؤوس الأموال تتدفق الى الأسواق الأمريكية بسبب الثقة في الاقتصاد عموما، كما أن الأسواق المالية تحديدا بتنوعها وخصائصها وحجمها ما زالت مصدرا جاذبا لرؤوس الأموال خاصة من الدول النامية والناشئة. من الأمور الغريبة في اقتصاد اليوم هو ارتفاع الطلب على العمالة في قطاعات محددة بسبب تحولها مع الكورونا من مهن الى أخرى. عندما خف تأثير الكورونا ارتفع الطلب عليها مجددا وهي في مكان آخر. لذا نقل البضائع والزحمة في المرافئ العالمية سببها غياب العمالة المتخصصة من ناقلة للسلع الى قيادة الشاحنات. هذا يفرض تغييرا كبيرا مبدئيا في سياسات الهجرة أي استيراد العمال من الدول النامية والناشئة. أما النتائج العالمية الظاهرة فهي تعثر العولمة بسبب الحرب وصعوبة النقل واغلاق العديد من الحدود واعتماد السياسات الانغلاقية للحماية. جميعها يؤثر سلبا على النمو العالمي. لا زالت العولمة قائمة كما تشير اليه احصائيات الاستثمارات الأجنبية المباشرة التي ارتفعت 77% في 2021 فوصلت الى 1,65 ألف مليار دولار. كما أن السياحة العالمية ارتفعت 4% خلال 2021 بعد تقلص تأثير الكورونا السلبي. في حجم التجارة العالمية من المتوقع أن ترتفع 4,4% في 2023. أما العلاقات الثنائية بين الدول الاقتصادية الأساسية فهي متعثرة، أهمها العلاقات الأمريكية الصينية حيث ما زالت التعريفات الجمركية المرتفعة قائمة على استيراد السلع الصينية. اذا وضعنا السياسة جانبا، أفضل وسيلة لمحاربة التضخم في الولايات المتحدة هو الغاء التعريفات الجمركية الايضافية التي وضعها "ترامب" فتصبح السلع الصينية أرخص وتؤثر ايجابا على مؤشرات الأسعار. أما الاستغناء عن الصادرات الروسية فيتم بهدوء بسبب غياب البدائل خاصة في الغاز المهم جدا للاقتصاد الأوروبي وخاصة الألماني. للعقوبات الموضوعة أمريكيا وعالميا على روسيا بسبب الحرب تأثيراتها الكبيرة. وضعت هذه العقوبات عمليا روسيا خارج النظام المالي والمصرفي العالمي، لكن روسيا بمواردها الطبيعية وتركيبة اقتصادها تحمي نفسها جزئيا منها. كما أن العقوبات تبقى واقعيا غربية وليست دولية، حيث ان الصين ودولا أخرى لم تنضم اليها.