خسائر عملة البتكوين

خسائر الناس في التعامل مع عملة البتكوين الافتراضية في المنطقة لا تعد خلال الفترة القليلة الماضية، الأمر الذي دعا البنوك المركزية إلى التصدي لهذه المعاملات من خلال مطالبة الناس بأخذ الحيطة والحذر من هذه العملة المشبوهة. ففد بدأت البنوك المركزية في المنطقة بحثّ ومطالبة جميع المصارف العاملة وبمختلف تسمياتها بضرورة عدم التعامل بأي شكل من الأشكال بعملة «البتكوين» أو تبديلها بأي عملة أخرى، أو فتح حسابات للتعامل بها، أو إرسال أو استقبال أي حوالات مالية بغرض شراء أو بيع تلك العملة. وهذا ما أعلنه المصرف المركزي القطري مؤخرا، مؤكدا أن «البتكوين» تعتبر عملة غير قانونية لعدم وجود أي التزام من جانب أي بنك مركزي أو حكومة في العالم لتبديل قيمتها مقابل نقود صادرة ومبرئة للذمة أو مقابل سلع عالمية متداولة أو مقابل الذهب. والتعامل معها تكتنفه مخاطر عالية تتمثل في تذبذب قيمتها بشكل كبير وإمكانية استخدامها في الجرائم المالية والقرصنة الإلكترونية، بالإضافة إلى مخاطر خسارة قيمتها لعدم وجود أي جهات ضامنة لها أو أصول مقابلها. ومع كل يوم جديد تخرج إلينا وسائل الإعلام بالتطورات السلبية الناجمة عن تعرض بعض المتاجرين والمقامرين في هذه العملة المشفرة، في الوقت الذي لا يعرف الكثير عن مصدر وجودها، ولا عن الجهة التي تقوم بإصدارها، ولا عن الجهة الرقابية التي تشرف عليها. فقد بدأت هذه العملة الافتراضية بقيمة صغيرة، حيث كانت تساوي سبعة أو ثمانية منها لشراء صحن صغير من «البيتزا»، وإذا بسعرها أخذ في التزايد مؤخرا بصورة صاروخية وخيالية لتصل قيمة عملة واحدة من «بتكوين» إلى أكثر من 20 ألف دولار. ونتيجة لتهافت البعض على شراء هذه العملة، فقد خرجت من الدول الخليجية الملايين من الدولارات من حسابات بعض العملاء للمتاجرة بهذه العملة الرقمية، في الوقت الذي باتت البنوك في المنطقة في حالة من الهلع، الأمر الذي أدى ببعضها لإبلاغ السلطات المعنية عن خروج أموال بالملايين من حسابات مصرفية لعملائهم لحسابات بعض شركات غير معلومة أنشطتها في المنطقة وخارجها. لقد شهدت المنطقة الخليجية ومن قبل شركات تعمل في الخارج بنشر عشرات من الإعلانات باللغة العربية على مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي كانت تحث الناس على التعامل بهذه العملة وبعبارات مغرية جدا، منها أن المضاربة في سعر البتكوين آمنة بنسبة 100٪ من السرقة، وأن توافر تداول هذه العملة يتم على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وأن تقديم خدمة ودعم العملاء يتم عبر لغات متعددة على مدار الساعة، وأنه لا توجد عمولات على التداول ولا رسوم مصرفية على المعاملات، وغيرها من العبارات الترغيبية الأخرى. إن انتشار هذه العملة الرقمية قد يضر بالاقتصادات على المدى الطويل، الأمر الذي قد يؤدي إلى ضعف صرف قيمة العملات الوطنية مقابل العملات العالمية، كما أن المتاجرة بالعملة الرقمية لا تساعد على اقتصاد الدول، وإنما تزيد من ثروات بعض الأشخاص المنفردين، وتحقق لهم عوائد كبيرة، وفي نفس الوقت سحوبات كبيرة، الأمر الذي قد يؤدي في نهاية الأمر إلى إضعاف الاقتصادات الوطنية.