مونديال 2022 سباق الأقدام والإعلام

كل شيء حول كأس العالم مثير ومدهش.. ومبعث الإثارة والإدهاش أن المونديال بنسخته الجديدة هو حصيلة قرار سيادي حاسم بأن يكون مختلفاً ومتميزاً، بقيم مضافة يراها المتابع في كل شيء رأي العين، مهما اختلفت زوايا الرؤية.. * حدث ويحدث هذا، لأن جميع عناصر تطبيق القرار في البلد المضيف رأوا في أنفسهم شركاء أساسيين في رفع سقف حلم عشاق كرة القدم في العالم إلى المدى الأبعد.. ولذلك كان من الطبيعي تلاشي كل حملات الإساءة المغرضة من بعيد قبل أن تبدأ، ولا غرابة في ذلك التلاشي عندما يكون التنظيم فضاء إبهار، وحكاية نجاح، وملعب سباق للحصول على العلامة الكاملة.. * وفي كل نجاح فتِّش عن القيادة والإدارة كعنوان، ولا تنسى التأمُّل في التفاصيل التي تجعل المشجع يستعد، والإداري في حالة توثُّب، واللاعب يحلم، والحكَم يذاكر القانون، والإعلام يسبق ويرتقي، والملاعب تزدان، ووسائل المواصلات تتشكل سرعة وفسحة وزمناً، والفنادق تتسابق على الخدمة ما بين فنادق ثابتة على اليابسة وفندق سفينة عائمة على الماء.. وحتى زعماء الدول يأخذون فسحة من الانشغال بالسياسة وسنينها فيرحبون ويكررون الترحيب، منطلقين من الإدراك بأن للنجاح الاستثنائي شروطا استثنائية أيضًا بشهادة كل واقع للحال.. * وفيما الكأس الذهبية ترمش وتغمز للبطل بشغف العاشق من وقت مبكر في الدوحة يخوض مجسم كأس العالم هو الآخر رحلة عالمية تعبُر 54 بلداً ومنتخبات الدول المتأهلة لا تزيد على 32 منتخباً، حيث لا غنى عن الشراكة في الفرحة بإذكاء الخيال الاستباقي والنظرة المنصفة إلى توفر الشروط لما تنتظره ملاعب المونديال الثمانية من إثارة ومتعة منقطعة النظير.. * وإذا كان هناك من الجمال والإبهار الموازي فهو ما شهده وسيشهده الإعلام المصاحب للمونديال من نقلات تجعلنا كمشاهدين بين لغتين مدهشتين.. لغة الرؤوس والأقدام بما تقدمه من الجمال والمؤانسة، ولغة الألسنة والعدسات والأقلام حيث كل شيء جاهز لتوزيع المتعة إلى كل مكان.. * وشخصيا.. احترت حول أيهما أفضل لك كصحفي أو مشجع.. أن تكون حاضراً في مدرجات الدرر الثماني وكورنيش وميادين الاستعراضات المصاحبة أم أن تجعل كاميرات الناقل الحصري والقنوات المصاحبة هي عيونك الإضافية إلى أحداث المونديال..؟ * والمسألة تتجاوز حرفية الإعلاميين وخبراتهم المتراكمة كمقدمين ومراسلين، إلى كوكبة عربية وعالمية من المحللين والمعلقين وخبراء كرة القدم في التدريب والتحكيم والإدارة، الأمر الذي يجعل المتابع يستمتع بآراء خبراء في كل ما له علاقة بكرة القدم.. وهذا ما عشناه منذ تسمية البلد المضيف.. والقادم أكثر جودة وإبهاراً.. * إن المنافسات والفعاليات المصاحبة لها في المونديال لن تكون متاحة أو موجهة للجماهير التي ستحضر كأس العالم فقط وإنما ستكون متاحة بصورة مثالية لكل سكان الكوكب الذين سيقفون على حقيقة أن البطولة هذه المرة ستكون طريق الجميع إلى الحياة والفرح والثراء الرياضي والثقافي، وأن الإعلام فيها هو الراصد المدهش لكل تفاصيل الإبداع.. والنجومية الكروية وحتى أمزجة البعيد والحاضر على حد سواء. * ولا أظن دولة قطر كبلد منظم للنسخة الأجمل إلا استحضرت منذ البداية الحقيقة الإنسانية التي تقول: من الجيد أن (ترى نفسك في عيون الآخرين بشكل يظهرون فيه مبهورين) وهو حق طبيعي للحكومات والشعوب، جماعات وأفرادا.. وهذه الرغبة تستند على استغلال العقول والأموال والوقت أفضل ما يكون الاستغلال، وهو ما صرنا نراه بوضوح في كل ملامح مونديال سيفتح الطريق لاستضافات قادمة مستحقة كلما تعثَّر بلد مرشح في مهمة استضافة بطولة من الحجم الكبير.